يعتبر الإدمان من أكبر وأخطر المشاكل التي تواجهها المجتمعات في الوقت الحالي، ويسبب هذا القضاء على مستقبل الشباب والاسرة ومستقبل مجتمعنا ككل، حيث يزداد الادمان بنسبة كبيرة مع مرور الوقت بسبب زيادة أنواعه ومسبباته وأشكاله المختلفة.
أصبح الادمان منتشرا في جميع طبقات المجتمع ولم يعد حكراً على الغني والفقير، لكنه يزداد أكثر في فئة الأغنياء، كما كان في الماضي نسبة الذكور المدمنين أعلى منها في النساء، ولكن في العصر الحالي أصبحت الفتيات تشارك الذكور في جميع صنوف الادمان، وذلك وفقاً لأحدث الأبحاث والدراسات العلمية.
في هذا الموضوع سوف نتحدث عن هذه المشكلة وأنواعها، كما سوف نتطرق إلى ذكر طرق علاجها.
تعريف الادمان
الادمان [1] هو عبارة عن التعود على فعل شيء محدد ومعين، وإذا لم يقاومه الفرد سوف يصبح عادة ومن ثم يتحول إلى إدمان يحتاج إلى علاج، ويعتبر الادمان حالة نفسية وسلوكية تؤثر على الإنسان وتجعله يقوم بعمل بعض الأشياء –التي تكون ضارة في الغالب- لكي يحصل على راحته النفسية.
فيوجد مثلا شخص يتعود على تناول طعام معين بشكل مستمر، وشخص أخر تعود على غسل يديه باستمرار وبكثرة بصورة مبالغ فيها، وشخص أخر تعود على تناول نوع من الأدوية بجرعات كبيرة، وشخص أخر تعود على تناول الأعشاب التي يوجد بها مخدر، وشخص أخر تعود على تناول الكحوليات.
فيوعندما يتأخر المدمن في العلاج تتطور حالته المرضية، مما قد يتسبب في وفاته في الكثير من الأحيان؛ لأن الإدمان يعتبر من الأمراض العصبية، وله الكثير من العواقب التي تضر بصحة الانسان.
أسباب الادمان
يوجد عدة أسباب تؤدى إلى عملية الادمان [2] من أهم هذه الأسباب ما يلي:
أولاً: الأسباب النفسية
وهذه الأسباب تعتبر هي الأسباب الرئيسية التي تقوم بتوجيه سلوك الشخص نحو الادمان، فدائما ما يلجأ المدمن إلى إدمان شيء معين يشعر فيه براحة نفسية، كما إنه يشعر بأن هذا الشيء يعطيه السعادة.
وأكبر مثال على ذلك الأطفال الذين يقومون بإدمان ألعاب الكمبيوتر والتليفون المحمول، فهم دائما يجلسون أمام شاشات الكمبيوتر والتليفون الذكي لمدة كبيرة، وهذا يسبب لهم عدة أمراض، من ضمنها السمنة.
كما يوجد أيضا الإدمان الذي ينتج عن تناول الفرد كمية كبيرة من الأقراص المنومة، أو تناول بعض أنواع الأدوية التي تحتوي على مهدئات للأعصاب بإسراف، وخصوصا عند تعرضه إلى مشكلة معينة خلال اليوم.
ثانيا الأسباب الثقافية
وهذه الأسباب التي تنتج عن اختلاف الموروثات الثقافية في المجتمعات المختلفة، وطبيعة نظرة كل مجتمع إلى الإدمان وتعريفه له، فيوجد بعض الدول التي يكون فيها الإدمان شيء عادى، أو هو من ضمن عادات وتقاليد هذه الدولة، فقد يكون الإدمان على تناول بعض الأعشاب المخدرة أو تدخينها عادة أصيلة في بعض المجتمعات، حتى وإن كان هذا يؤثر على الفرد ويضر بصحته ويسبب له أمراض خطيرة قد تؤدى إلى الوفاة.
أنواع الادمان
يعرف الادمان بأن الشخص المدمن يفقد السيطرة والتحكم في نفسه من حيث قدرته على الامتناع عن شيء معين اعتاد عليه، لدرجة أنه أصبح متعلقاً بهذا الشيء تعلقاً شديداً ولا يستطيع الاستغناء عنه، ويوجد نوعين من الإدمان [3] من الإدمان: إدمان كيميائي، وإدمان سلوكي.
النوع الأول: إدمان كيميائي
في هذا النوع يقوم الشخص بإدمان نوع معين من المواد المخدرة التي لها تأثير على العقل، ويتمر في تناول هذه المادة المخدرة ولا يستطيع الاستغناء عنها، والشخص المدمن يقوم دائما بتوفير هذه المادة معه لكي يتناولها وقتما يحتاج إليها، ومن هذه المواد ما يلي:
- المواد التي يدخل في تركيبها مادة الكحول.
- جميع أنواع المهدئات والحبوب المنومة.
- جميع المواد المنشطة، والتي تعمل على تحفير كلا من العقل والجهاز العصبي للإنسان، وأيضا جميع أنواع المواد المهلوسات مثل الحشيش.
- جميع أنواع المواد المخدرة مثل الكوكايين والهيروين.
أعراض الادمان الكيميائي
تظهر الاعراض على حسب نوع المادة التي يدمنها الشخص، فمثلا الأشخاص الذين يدمنون الكحوليات لمدة كبيرة لا تظهر عليهم أي أعراض، لأن أجسامهم قد تعودت عليها، وأجسادهم تتحملها.
أما الذين تُسكرهم الكحوليات فتظهر عليهم بقع حمراء على جلد اليدين، كما يحدث أيضا تشمع للكبد، وبعض حالات من عدم التوازن، أما الذين يتعاطون مادة الهيروين، فيظهر عليهم الانعزال وحب الوحدة، ويصبحون بطيئي الحركة ومرتخين، كما أنهم يعانون مشاكل في النوم، وتظهر عليهم سمات الحدة والعنف والعدائية الشديدة عند انقطاع هذه المادة عنهم.
أما الذين يدمنون مادة الكوكايين فتظهر عليهم العصبية الشديدة مع سرعة كبيرة في طريقة الكلام والحركة، كما أنهم يصبحون يقظين وشكاكين ومتأهبين عند حدوث أي خلاف أو مشادة كلامية، كما تكون حدقة أعينهم واسعة جدا، أما الذين يدمنون الأدوية المهدئة والعقاقير فتظهر عليهم حالة النعاس والنوم، كما أنهم يعانوا من عدم التركيز والنسيان السريع والضياع.
النوع الثاني إدمان سلوكي
الادمان السلوكي وهو عبارة عن أن يقوم الشخص بإدمان عادة أو سلوك معين، ولا يستطيع أن يتركه أو أن يستغنى عنه، ولا يستطيع أن يحد منه أو يقلل من فعل هذا السلوك أو العادة التي تعود عليها، وذلك مثل ما يلي:
- إدمان الإنترنت: في وقتنا الحالي زاد عدد الأشخاص الذين يدمنون الإنترنت والكمبيوتر والهواتف المحمولة، وهم في تزايد مستمر لأنهم يقضون معظم أوقاتهم على الإنترنت ما بين إنهم تصفح المواقع المختلفة أو لعب بعض الألعاب، ويهملون في كل شيء من أمورهم الأساسية، وهذا الإدمان يؤثر سلبيا على علاقة المدمن للإنترنت بعائلته، ويؤثر على حياته الاجتماعية.
- المواد الطيارة: وهذا النوع من الادمان يقوم الشخص بإدمان رائحة نوع من أنواع المواد الطيارة، مثل الغراء والنفط وطلاء الاظافر، وأيضا الوقود الخفيف، فعند استنشاق الشخص لهذه المادة يشعر بالراحة والسعادة، وينسى كل مشاكله لبعض الوقت.
- إدمان الشراء والتسوق: الأشخاص الذين يدمنون الشراء والتسوق يكون معظمهم من النساء والشخصيات الهامشية والهيستيرية التي يكون لديها وقت فراغ كبير، وتقوم بمحاولة سد هذا الفراغ، فتشعر بأنها في حاجة إلى شراء بعض الأشياء، ثم تقوم بوضع خطة لعملية الشراء والتسوق بمفردها، ثم تذهب وتتسوق لمدة كبيرة تقدر بحوالي عدة ساعات، لكي تشعر بالارتياح والسعادة، ثم بعد ذلك تشعر بالندم على الأموال التي تم إنفاقها في هذه الأشياء التي لا تحتاج إليها.
- إدمان العمل: وهنا يكون مدمن العمل عنده نوع من الهوس، لدرجة أنه يظل يعمل إلى أن يشعر بالإرهاق الشديد والتعب الجسدي، وهذا يؤثر سلبا على علاقته بعائلته، وأيضا على حياته الاجتماعية، وخصوصا إذا كان لا يأخذ أي عطلة أو أجازه لفترة من الزمن.
أعراض الإدمان السلوكي
يتعرض المدمن السلوكي لعدة أعراض بسببها تضعف علاقته العائلية، وتنقطع علاقته بالمجتمع، ويقل إنتاجه في العمل، وبالتالي تتدهور حالته الاقتصادية والمادية وخصوصا من يدمن على التسوق.
مراحل الإدمان
يمكن تلخيص مراحل الإدمان [4] في 3 مستويات، وهي كالتالي:
- مرحلة الاعتياد: وهي المرحلة التي يقوم فيها الشخص بتناول مادة معينة بقصد التعود عليها بدون تحقيق أي نتائج نفسية أو عضوية.
- مرحلة التحمل: وهي المرحلة التي يقوم فيها بزيادة كمية المادة التي يتم تناولها، وذلك لكي يصل إلى النشوة المرجوة منها.
- مرحلة الاعتماد: وهي المرحلة التي يكون فيها المدمن قد وصل إلى مرحلة الاعتماد الكامل على المادة التي تعود عليها جسديا ونفسيا، ولا يستطيع أن يتركها أو أن يستغني عنها.
علاج الادمان
علاج الادمان [5] يوجد له أساليب عديدة، وهو يعتمد على درجة إدمان الشخص، وأيضا حالة المدمن، ويعود تحديد العلاج المناسب إلى الطبيب المختص بناء على نوع الإدمان، وهذه الأساليب هي:
أولا العلاج النفسي
يقوم الطبيب بتشخيص حالة المدمن ومعرفة نوع المادة التي يقوم بإدمانها، ويحدد له الادوية اللازمة لحالته، كما يقوم الطبيب المعالج بمتابعة المريض المدمن باستمرار لكي يعرف هل الأدوية تساعد في التقليل من نسبة الإدمان عند الشخص المريض أم لا.
كما يقوم الطبيب بإحضار الشخص المدمن لكي يشارك في اجتماعات مع بعض الأشخاص الذين كانوا مدمنين في مثل حالته وقد تم شفائهم، كما يقوم الطبيب المختص بتحفيز الشخص المدمن على التخلص النهائي من الإدمان بمساعدة عائلته، لكي يتم التعافي من هذا الإدمان بشكل صحيح وسليم، حتى لا يعود إليه مرة أخرى بعد أن يتم الشفاء الكامل من الإدمان.
ثانيا العلاج الجسماني
- يقوم الطبيب المعالج بسحب السموم والمادة التي أدمنها الشخص المريض.
- يقوم الطبيب النفسي بتأهيل الشخص المدمن عن طريق التدريبات الرياضية.
هل تحتاج إلى مساعدة؟
إذا كنت تُعَانٍي من عادات إدمانية، لا تواجه هذا الطريق وحدك. العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن يكون بداية طريقك نحو التعافي.
من أجل على دعم فوري، تواصل مع طبيب نفسي اونلاين الآن.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا