الإرشاد الأسري[1] هو عبارة عن مجموعة من الخدمات الإرشادية والتوجيهات التي يقدمها المرشدين النفسيين للأسرة بصورة فردية أو جماعية، بهدف مساعدة الفرد الذي يعاني من مشاكل نفسية أو اجتماعية أو أسرية.
وهو أيضا عبارة عن عملية مساعدة كافة أفراد الأسرة على فهم متطلبات الحياة الأسرية والعائلية ومعرفة كافة الحقوق والواجبات المتبادلة بين أعضائها، ولا يقتصر مفهوم الأسرة على الوالدين فقط بل تمتد لتشمل الأجداد والأعمام والأخوال.
مراحل الإرشاد الأسري
فيما يلي أهم مراحل الإرشاد الأسري[2]:
المرحلة الأولى
تعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل الإرشاد الأسري ، حيث يقوم المرشد بتكوين صورة عامة عن وضع الأسرة الحالي وعن حجم المشاكل التي تقابلها، وقد يتجه المرشد إلى البحث في تاريخ الأسرة للوصول إلى أي مصادر معلوماتية تساعده فى التعرف على أسباب المشاكل التي تعاني منها الأسرة، وتجعله قادر على تحديد خطة إرشادية مناسبة ومحققة للهدف من الإرشاد.
المرحلة الثانية
يقوم المرشد بالإستماع لكل طرف من أطراف المشكلة على حدة من خلال عقد جلسات فردية، وذلك بهدف التوصل إلى النقاط المشتركة بينهم لمواجهة كل طرف بها من خلال عقد جلسة جماعية، والتعرف على نقاط اختلافهم حول المشاكل التي يعانون منها، والتوصل إلى أنسب طريقة للتغلب عليها.
كما يعمل المرشد النفسي على تهيئة الجو المناسب للجلسات الجماعية التي يتواجه فيها كل طرف بالأخر، تهدف هذه المرحلة الى إدراك كل فرد في الأسرة أهمية العلاقات الأسرية، ويتوصلون إلى أن الصراعات والمشاكل ما هي إلا مرحلة يمكن تجاوزها.
المرحلة الثالثة
هذه المرحلة الأخيرة من مراحل الإرشاد الأسري ،وفي هذه المرحلة يتم الوصول إلى الهدف من عملية الإرشاد و تصبح الأسرة قادرة على قيادة أمرها بنفسها، وتستطيع مواجهة الصعاب مستقبلا، كما يدرك أفراد الأسرة أيضا أن دور المرشد كان فقط من أجل المساعدة للوصول إلى الحل الصحيح لكافة الصعوبات التي تواجههم.
دور الأخصائي النفسي في مراحل الإرشاد الأسري
يمكن توضيح دور الأخصائي النفسي في كل مرحلة من مراحل الإرشاد الأسري كما يلى:
المرحلة الأولى:
في هذه المرحلة يجب على المرشد القيام ببعض المهام التالية:
- الإستماع الجيد لكل فرد من أفراد الأسرة، من خلال عقد جلسة فردية مع كل فرد بمفرده.
- تجميع كافة المعلومات الخاصة بكل أفراد الأسرة وتحديد النقاط المشتركة بينهم حتى يتمكن من تحديد خطة عمل مناسبة للمشكلة محور عملية الإرشاد.
- تحديد نقاط الاختلاف لدى أفراد الأسرة والمتعلقة بالمشاكل التي يعانون منها، حتى يتمكن من مساعدتهم على التغلب على هذه المشاكل وتقديم حلول مناسبة لها.
- مساعدة كل فرد من أفراد الأسرة وتهيئته نفسياٌ لتقبل عملية المواجهة.
- تقديم أفكار مناسبة لكل أفراد الأسرة لمساعدتهم على تقليل حدة القلق والتوتر بينهم.
المرحلة الثانية:
في هذه المرحلة لابد أن يلتزم الأخصائي بالتالي:
- الاستماع إلى مقترحات كل فرد حول تقديم حلول مناسبة من وجهة نظرة للمشكلة والطرق المناسبة للتغلب عليها.
- الوصول إلى خطة علاجية يمكن تطبيقها على أفراد الأسرة للوصول بهم إلى الهدف المرغوب تحقيقه من العملية الإرشادية.
- تحديد مجموعة من المهام لكل طرف من أطراف المشكلة، ويجب الإلتزام بها أمام الطرف الأخر .
- تحديد الطريقة التي سوف يتواصلون بها مع المرشد النفسي، لمتابعة تنفيذ الخطة العلاجية.
- التعرف على المواقف المثيرة لإندفاع الشخص ” المسترشد ” والوقوع به فى المشاكل.
المرحلة الثالثة:
وفي هذه المرحلة يجب على الأخصائي الآتي:
- متابعة حالة الأسرة بعد تحديد المهام والمسؤوليات التي أُلزم بها كل فرد من أفراد الأسرة.
- متابعة معدلات نجاح الخطة العلاجية التي قام بوضعها وتطبيقها على أفراد الأسرة.
- تحديد خطة علاجية مناسبة لإزالة الآثار النفسية المترتبة على حدوث الأزمات.
أهمية الإرشاد الأسري[3]
أُجريت العديد من الدراسات فى مجال الصحة النفسية الأسرية، بهدف التعرف على دور الأسرة في نشأة الخلل السلوكي أو المرض النفسي لأحد أفرادها، وقد أثبتت أغلب الدراسات أن الأسرة تلعب دوراً كبيرا في نشأة الخلل لأحد أفرادها، وذلك نتيجة لعوامل وراثية عائلية، أو المشاكل والاضطرابات الأسرية، ولم تقتصر الدراسات على تأكيد تأثير الأسرة في ظهور المرض بل أكدت على أنها ذات دور فعال ومميز في العلاج، وذلك من خلال تقديم الدعم المناسب للفرد المريض وحثه على الاستمرار فى التحسن، وإعطاءه الأمل فى الشفاء.
فالأسرة التي يمرض أحد أفرادها تعاني ماديا ومعنوياً، وبالتالي ينعكس على طريقة اهتمامهم بالمريض وتقديم الرعاية الكاملة له، وممكن أن تقوم بنبذة وعزله عن باقي أفراد الأسرة مما قد يزيد من شدة مرضه، ويزيد من شعوره بالفشل وعدم القدرة على تخطي المشاكل.
في هذه الحالة تحتاج الأسرة إلى الإرشاد النفسي لمساعدتها على كيفية تقبل المرض الخاص بأحد أفرادها وكيفية التغلب عليه ودعم المريض وتعزيز الثقة بداخله مما قد يعجل من شفائه.
الأسس التي يُعتمد عليها في مراحل الإرشاد الأسري
يوجد للإرشاد الأسري مجموعة من المقومات التي تساهم في تقديم خدماته بالشكل الأفضل وهي:
- التربية الأسرية: وهنا يظهر دور وسائل الإعلام والمدرسة ودور العبادة في نشر الوعي الأسري والنفسي وثقافة تقبل الإرشاد النفسي بكل مجالاته وأنواعه.
- خدمات نفسية: يعمل الإرشاد الأسري على تخفيف حدة القلق والتوتر من المشاكل والصعوبات وتحقيق التوافق النفسي والإجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة.
- الإرشاد الجماعي: حيث يتم عقد جلسة إرشادية جماعية لجميع أفراد الأسرة لمواجهة كل طرف بمشاكله مما يسهم في تفاعلهم سويا بشكل إيجابي..
- الخدمات الإجتماعية: ويقدمها كل من الأخصائي النفسي والأخصائي الاجتماعي، وتتلخص في عمل زيارات منزلية للأسرة والاشتراك في مجالس الآباء.
أهداف الإرشاد الأسري
للإرشاد الأسري اتجاهين الأول يهدف إلى مساعدة كل فرد من أفراد الأسرة على التفكير الإيجابي والنمو النفسي السليم، وتقوية العلاقات الاجتماعية والأسرية بينهم حتى تنعم الأسرة بهدوء وسلامة نفسية وصحية، ويعد هذا الهدف العام من الإرشاد الأسري.
والثاني يهدف إلى:
- تحقيق التوافق الاجتماعي والانسجام الفكري والنفسي بين أعضاء الأسرة حتى يتمكنوا من مناقشة كافة المشاكل والصعوبات التي تواجههم بصراحة.
- تقوية العلاقات الإجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة للقضاء على الخلل الذي قد يؤدى إلى وجود تفكك أسري بين أفراد الأسرة وخاصة بين الآباء والأبناء.
- تقوية قنوات الاتصال بين أفراد الأسرة للقضاء على عدم التفاهم الفعال والمباشر بينهم.
- تعلم كل فرد من أفراد الأسرة الأصول الصحيحة للتنشئة الإجتماعية.
- معالجة المشاكل والإضطرابات النفسية التي تواجه أحد أفراد الأسرة.
- حماية الأسرة ووقايتها من الإنهيار والوقوع في المشاكل .
- تحقيق التوافق الاجتماعي والنفسي بين أعضاء الأسرة.
- تربية الأبناء ورعايتهم في جو أسري سليم نفسيا وإجتماعياً.
- مساعدة أعضاء الأسرة في الوصول إلى الحل المناسب للتخلص من مشاكلهم.
- الحفاظ على وحدة وتماسك الأسرة.
نظريات الإرشاد الأسري
تعددت النظريات الخاصة بالإرشاد الأسري، ومن أهم هذه النظريات الآتي:
نظرية التحليل:
تقوم هذه النظرية على إعادة ترتيب أفكار المسترشد والتخلص من الأفكار السلبية المترتبة على أسباب المشكلة، كي يتمكن من الوصول إلى إدراك وفهم الأفكار والسلوكيات الإيجابية والاجتماعية الموجودة داخل الأسرة، والتغلب على المشكلة ومواجهتها.
نظرية النظم العامة:
وتقوم هذه النظرية على مبدأ أن الأسرة عبارة عن نظام اجتماعي مكون من مجموعة أفراد، كل فرد له خصائص خاصة به تميزه عن باقي الأفراد.
ويتركز دور المرشد وفقا لهذه النظرية في اللجوء إلى أسرة المسترشد لفهم المشاكل والصعوبات التي يعاني منها، حتى يتمكن من مساعدته في التغلب على هذه المشاكل والوصول إلى العلاج السليم.
وتقوم هذه النظرية على أن لكل أسرة مجموعة قوانين تحكم النظام السائر بين أفرادها، ويجب على أسرة المريض توضيح هذه القواعد والقوانين للمرشد النفسي حتى يستطيع مساعدة الفرد المريض وتقديم خطط علاجية مناسبة لهذه القواعد.
نظرية التواصل
تعتمد هذه النظرية على طرق الإتصال المختلفة التي يستخدمها كل أفراد الأسرة في التواصل بينهم، كما تركز هذه النظرية على ضرورة وجود اتصال فعال بين جميع أفراد الأسرة لزيادة قوة الروابط الأسرية بينهم.
وتتمثل عناصر التواصل بين أفراد الأسرة كالتالي:
- المرسل: وهو الأساس في عملية التواصل، وهو الشخص الذي يقوم بإرسال الرسالة.
- الرسالة: هي عبارة عن الكلمات التي يرسلها المرسل إلى المستقبل،
- الوسيلة: وهي عبارة عن القناة أو الوسيلة التي تحمل الرسالة.
- المستقبل: هو الطرف المستقبل للرسالة، أو الشخص المرسل إليه الرسالة.
كيفية الإعداد لجلسات مراحل الإرشاد الأسري
جلسات الإرشاد الأسري يمكن أن تكون جلسات فردية بمعنى مقابلة المرشد مع كل فرد من أفراد الأسرة بمفرده، أو جلسات جماعية بمعنى مقابلة المرشد مع جميع أفراد الأسرة.
تعتبر الجلسة الأولى أهم جلسة فى جلسات الإرشاد الأسري لأنها المسؤولة عن تحديد مسار باقى الجلسات وأيضا تحديد الطرف المسؤول عن سير الجلسة، ولهذه المرحلة هدفين هما:
- مشاركة الأسرة فى وضع الخطة الإرشادية المناسبة للوصول إلى علاج المشاكل وتحقيق الهدف المطلوب من الجلسات الإرشادية.
- تحديد المشكلة الأساسية التي تعاني منها الأسرة.
وتمر جلسات الإرشاد الأسري بمجموعة مراحل أهمها:
المرحلة الأولى: الإعداد للجلسة
يقوم المرشد في هذه المرحلة بالسماح لكل أفراد الأسرة بالدخول الى غرفة الجلسة والجلوس في الأماكن المناسبة لهم، ويجب على المرشد تحضير عددا كبيرا من المقاعد داخل الغرفة كي يتيح للأفراد الانتقال من مكان إلى أخر حسب راحتهم.
وتعتبر هذه الجلسة هي أول مقابلة فعلية بين المرشد وأفراد الأسرة، وفي هذه الجلسة يحكم المرشد على طبيعة العلاقات بين أفراد الأسرة، من خلال طريقة تنظيمهم لأنفسهم داخل الغرفة، ومدى شعورهم تجاهه، وأيضا يتمكن من معرفة أي درجة نجاح سوف تحققها هذه الجلسات.
كما يتعرف المرشد في هذه الجلسة على طبيعة المشاكل الموجودة داخل الأسرة من طريقة جلوس كل فرد داخل الغرفة، وفي بداية الجلسة يقوم المرشد بالترحيب بأفراد الأسرة والتعرف عليهم وتقديم نفسه.
تعتبر هذه الجلسة مهمة لعدة أسباب من أهمها:
- أنها توضح شخصية المرشد لكل أفراد الأسرة.
- توضح المشكلة الحقيقة التى تعانى منها هذه الأسرة.
المرحلة الثانية: تحديد المشكلة
وفي هذه المرحلة يقوم أحد الوالدين بسرد المشكلة الحقيقة التي تعانى منها الأسرة وشرح كل جوانبها وأبعادها من خلال وجهة نظره، ويقوم أفراد الأسرة بتأيد رأيه فى عرض ووصف المشكلة، أو معارضته.
وهنا يأتى دور المرشد حيث يقوم بتهدئة الأجواء والبحث في الأسباب الأساسية للمشكلة، عن طريق السماع لكل فرد من أفراد الأسرة، ومن ثم التوصل إلى ماهية المشكلة الحقيقة التي تعاني منها الأسرة.
المرحلة الثالثة: بسط المشكلة
يقوم المرشد في هذه المرحلة بالإصغاء إلى كل أفرد الأسرة أثناء حديثهم عن أسباب المشكلة التي يعانون منها، وفي هذه المرحلة يؤكد لهم المرشد حاجتهم إلى المساعدة لتقليل شعورهم بالذنب وزيادة إحساسهم بالأمل في العلاج.
المرحلة الرابعة: الحاجة للتغيير
في هذه المرحلة يقوم المرشد بتوجيه الأسئلة لأفراد الأسرة للتعرف عن طريقة تعاملهم مع المشكلة والحلول التي توصلوا إليها، وتفيد هذه المرحلة في إدراك عدم قدرة الأسرة على حل المشكلة وحاجتهم للمساعدة، ويهدف المرشد في هذه المرحلة إلى التوصل إلى أساليب ناجحة للتعامل مع المشكلة التي يعاني منها أفراد الأسرة.
مقالات ذي صلة : أنواع الإرشاد الأسري وأهم البرامج والأساليب المستخدمة
المرحلة الخامسة: تغير المسار
في هذه المرحلة يقوم المرشد بإتخاذ بعض الإجراءات الهامة بهدف تغيير طريقة التواصل بين أفراد الأسرة، بمعنى إنه قد يطلب من أحد الوالدين بشرط أن لا يكون طرف في أسباب المشكلة، فى محاولة منه لإنشاء علاقة جديدة بين الوالد والفرد صاحب المشكلة، وفي نهاية الجلسات يقوم المرشد بإخبار الأسرة بأن كل فرد يقوم بدور مؤثر وفعال في العملية الإرشادية.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا