تعتبر نظرية التحليل النفسي من أول النظريات في علم النفس وأشهرها. حيث تعد مبدءًا لكثير من النظريات والدراسات في الأخرى في علم النفس. في هذه المقالة اليوم سوف نتعرف أكثر على نظرية التحليل النفسي، كما سوف مزاياها والنقد الموجه لها.
نشأة نظرية التحليل النفسي [1]
تدور النظرية حول تنظيم الشخصية وتطورها وتعتبر طريقة سريرية يتم استخدامها في معالجة الأمراض النفسية، وقد أسسها الطبيب النفسي والعصبي سيجموند فرويد وذلك في أواخر القرن ال19، ومن خلال الإسهامات التي قام بها تلامذته قام بتطوير مفهوم الحدث النفسي، كما قام فرويد باستخدام مصطلح التحليل لأول مرة عام 1894م، واستخدم مفهوم التحليل النفسي عام 1896م.
لقد بدأت نظرية فرويد (التحليل النفسي) من خلال أعماله، فقد قام بعمل سريري مع المرضى الذين لديهم مرض عقلي، ثم قام بعد ذلك بتطوير نظرية تقوم بالاستناد إلى النتائج التي توصل إليها.
الرغبات اللاواعية وتجارب الطفولة، وتبعاً لسيجموند فرويد فالنزاعات التي قد تحدث في كل مرحلة من هذه المراحل قد يكون لها تأثير على السلوك والشخصية مدى الحياة، وإن الأحداث الموجودة في طفولتنا قد يكون لها تأثير كبير جداً على حياة الراشدين، وتشكيل سلوكنا وشخصيتنا وذلك كما يعتقد فرويد، مثل:
إن القلق الذي ينتج عن التجارب الصعبة والمؤلمة في الماضي يتم إخفائها عن الوعي لدى الشخص، ولكن ذلك قد يسبب بعض المشاكل أثناء مرحلة البلوغ قد ينتج في شكل عصاب.
وعندما نقوم بتوضيح سلوكنا للآخرين أو لأنفسنا، فقليلاً جداً عندما نصف دوافعنا بشكل حقيقي، ولا يسمي هذا بأننا نتعمد الكذب في الوقت الذي يكون فيه البشر مخادعون لغيرهم، والذين يكونون ذات مهارة كبيرة في خداع الذات، ولقد قام فرويد بالسيطرة على الحياة، وذلك من خلال المحاولات التي قام بها لإيجاد طرق يقوم باستخدامها لاختراق هذا التمويه الذي يمنع ظهور العمليات الخفية لشخصية الإنسان.
إن قاموس فرويد قد أصبح جزءاً من مفردات المجتمع الغربي، يقوم الأشخاص العاديين الآن باستخدام كلماته التي قدمها خلال نظرياته، وذلك مثل: الغريزة الجنسية، الشخصية، القمع، الحرمان، التجاهل، العصبية.
قام فرويد بالتأكيد على أهمية العقل اللاواعي، حيث أن الافتراض الأساسي لنظرية(التحليل النفسي) هو أن العقل اللاواعي يقوم بالحكم على السلوك إلى درجة أكبر من اعتقاد الناس في الواقع، وهكذا فإن هدف التحليل النفسي هو تحويل اللاوعي إلى وعي.
أهم أهداف و مزايا نظرية التحليل النفسي
تهدف نظرية التحليل النفسي إلى تحقيق بعض الأهداف، وهي كالآتي:
- تقوية الأنا وذلك لكي يتم بناء السلوك على أسسٍ أكثر واقعية.
- العمل على تركيز الاهتمام حول استعمال طرق تحليلية للقيام باحضار المواد اللاشعورية والعمل من خلالها، فيتم إعادة التركيب لخبرات الطفولة وتفسيرها وفهمها وتحليلها ومناقشتها.
- الإبتعاد عن الغرائز والشهوات والاندفاعية وذلك بقدر الإمكان، والعمل على جعل اللاشعور شعور.
ومن ذلك نستنتج الآتي:
إن القيام بإحضار الشعور إلي تلك الدوافع التي تكون مكبوتة وتسبب بشكل رئيسي في إنتاج القلق، أي دوافع الهو التي لم يستطع الأنا من القيام بمعالجتها، وذلك خلال عملية التحليل النفسي، يمنح ذلك الفرصة للمسترشد بمواجهة تلك المواقف، التي لم يتمكن من القيام بمعالجتها بشكلٍ ناجحٍ قبل ذلك، فيقوم المحلل النفسي بخلق موقف خيالي من الأخطار والتهديدات، لهذا فخطوات التحليل النفسي قد تختلف في بعض الأحيان من حالة لحالة أخرى، كما يمكن أن تتم خلال عدة سنوات أو أشهر، ولكن يفضل أن تتقارب فترات العلاج، وأن لا تقل عن ثلاث جلسات كل اسبوع ولا تقل الجلسة عن ساعة.
مزايا نظرية التحليل النفسي
فيما يلي أهم مزايا نظرية التحليل النفسي [2]:
- أن الاتجاه النفسي يمثل تطويراً في التفسير، حيث ينتقل إلي دائرة تكون أوسع من الكيان الحيوي للإنسان.
- أن بعض التفسيرات النفسية تكون متداخلة وذلك مثل عمليات التعلم التي تحتوي على التعلم الاجتماعي في حدود التحليل الاجتماعي.
- أن التحليل النفسي قد يفيد في فهم الظروف والاستجابات الفردية النفسية لجميع العوامل الخارجية، وكذلك ردود الفعل المختلفة.
- أن السلوك الإجتماعي يعتبر سلوكاً اجتماعياً ونفسياً في الواقع، وقد تتداخل فيه المؤثرات الإجتماعية مع العوامل الفردية، وأن بعض سلوك الفرد يكون نتاج تفاعله مع البيئة.
- نظرية التحليل النفسي أصبحت بدايةً لوضع أسس ومناهج في تفسير سلوك الإنسان.
- من خلال بعض مبادئ مدرسة التحليل النفسي يمكن بسهولة مُعالجة الإشكاليات في مجال علم النفس.
- مهَّدت هذه النظرية الطريق للكثير من علماء مجال علم النفس لوضع أسس أكثر صحة واكثر منطقية في تقويم السلوكيات والتوجهات البشرية.
ساعدت في ظهور العديد من المدارس في علم النفس ومن بين المدارس التي ظهرت بعدها ما يلي:
- المدرسة البنائية.
- المدرسة الوظيفية.
- مدرسة هايدلبرج.
- مدرسة فيينا الوضعية.
- مدرسة شارتر.
- مدرس بادوفا.
- مدرسة علم النفس الإكلينيكي.
- مدرسة الجشطلت.
- مدرسة البورت رويال.
- المدرسة الإيبو قورية.
مبادئ نظرية التحليل النفسي
مبدأ الحتمية السيكولوجية
يعتبر هذا المبدأ هو الأساس الذي تقوم عليه نظرية التحليل النفسي، حيث يؤكد هذا المبدأ على وجود عدد من المسببات لكل حادثة نفسية، فلا يوجد في العقل ما يسمى بالصدفة العارضة عند التعرض لأي حادثة، ولكن هناك سبب يرجع إلى ذلك.
كما أن مانقوم بتسميته بفلتات اللسان، وما يتم ظهوره على الشخص من خوف وفزع عند رؤية حيوان أو حشرة، وما ينجذب اليه أو يكرهه من الأشكال والألوان، والأشخاص الذين ينفر منهم او ينجذب اليهم، وكذلك المواقف التي ينزعج منها او يرتاح لها، كل هذا يُكون سلوك الفرد فيه محتماً ولا يتمكن من الخروج عنه، فهو محدد من قبل ذلك بماضيه، وبما تعرض له في السابق من حوادث، فتاريخه القديم يقوم بتحديد استجابته للمواقف الجديدة.
مبدأ الديناميكية
فقد ينظر التحليل النفسي للنفس بنظرة ديناميكية وليست استاتيكية، حيث أن النفس تضم قوي محركة وليس مجرد صور ساكنة، لأن هذه القوى تكون دائمة التفاعل والضغط، ولا يوجد ظاهرة نفسية إلا وتكون نتيجة تغلب إحداهما على الآخر، ولا تقوم المنهزمة بالتخلي ولكن تبحث في الوصول إلى غايتها بطريقة ما.
كما أن الصورة العامة للنفس تكون صورة تدافع وحركة دائمين، لا يوجد سكون فيها وإن ظهر فيكون مجرد صورة خداعة للتعمية، وذلك مثل النسيان فهو ليس مجرد إسقاط لبعض العناصر من الذاكرة، ولكنه عبارة عن محاولة إيجابية يقوم بها العقل لأبعاد هذه العناصر، والحصول على السلام النفسي.
مبدأ التحول
حيث أن الطاقة النفسية الديناميكية هي طاقة قابلة للتحول، كما أن فرويد يطلق اسم “الطاقة الغريزية” على مجموع الدوافع، ويعتبر أن هذه الطاقة تقوم بالتحول في حياة الإنسان من اتجاه لآخر.
مبدأ التوازن
حيث لا تنشأ قوة أو نزعة في النفس إلا وقد تنشأ معها قوة أو نزعة مضادة، وينتج سلوك الإنسان عن محصلة هاتين النزعتين، ويعتبر هذا المبدأ من أهم المبادئ التي قام عليها التحليل النفسي.
مبدأ اللذة ومبدأ الواقع
إن مبدأ اللذة يجعلنا نقوم بتحقيق رغباتنا واشباع حاجاتنا وعندما نصطدم بالقانون وبالآخرين مما يجعلنا نقوم بمسايرة مبدأ الواقع ونؤجل تحقيق رغباتنا و إشباع حاجاتنا ودوافعها.
مبدأ اللاشعور
هذا المبدأ يعني أن ما تنشط به أنفسنا لا ندرك وجوده بداخلنا ونشعر بالحيرة في تفسيره.
النقد الموجه لنظرية التحليل النفسي
- انتقد البعض نظرية التحليل النفسي معللا ذلك بأنها تفتقر إلى التجارب التأكيدية وتركز على علم الامراض فقط.
- من بعض انتقادات نظرية التحليل النفسي أنها لم تراعي الخلفية الثقافية لكل فرد بشكل منفصل وتأثير تلك الثقافة على الشخصية.
- أن المصطلحات الخاصة بالتحليل النفسي ومفاهيمه مثل :مفهوم الأنا و الأنا الأعلى والهو، جميعها غامضة جداً حيث أنها مفاهيم يصعب تعريفها إجرائياً وذلك لأنها غير موضوعية.
- يصعب الربط السببي بين الحالات النفسية التي تكون بداخل العقل، والسلوك وذلك من الناحية الفعلية.
- الصعوبة في دراسة الافتراضات الخاصة باتجاه التحليل النفسي علمياً، مما يجعلنا نعتبر هذا الاتجاه أقرب إلى الأيديولوجية من العلم.
- إهمال العوامل الحضارية والاجتماعية في تكوين وتطوير السلوك الإنساني، وإهمال الاختلافات الاجتماعية والثقافية بين الشعوب.
- التركيز على الدوافع الجنسية، كما تقدم تفسيرات خاطئة لبعض العادات الخاصة بالأطفال والتي لا يقوم البحث العلمي أو التجربة العلمية بدعمها.
مقالات ذي صلة : النظرية المعرفية في طب النفس
المفاهيم الأساسية لنظرية التحليل النفسي
هناك بعض المفاهيم الأساسية لنظرية فرويد سرف نذكرها كالآتي :
ما قبل الوعي
يحتوي علي جميع الأشياء التي لا نقوم بالتفكير فيها في وقتنا الحالي، ولكن بإمكاننا توجيهها بكل سهولة إلي الوعي الواعي وذلك إذا لزم الأمر.
الوعي
هو الذي يتم تكوينه من كل شيء موجود في وعينا.
اللاوعي
هو عبارة عن جميع الأشياء التي يعمل العقل الواعي على إخفائها عن الوعي، كما أنه يعرف بالعمليات الغير مرتبطة بالتفكير.
الأنا
هو عبارة عن جزء من الشخصية التي تقوم بالتوسط بين الأنا العليا والهوية، قد تقوم بمنعنا من العمل وذلك بناءً علي الرغبات الأساسية لدينا، كما أنها تقوم بتحقيق التوازن مع المعايير المثالية والأخلاقية الخاصة بنا.
الأنا العليا
هو يعتبر مكون شخصية الإنسان والتي هي مكونة من مثلنا الداخلية، التي تم اكتسابها من الوالدين والمجتمع، كما تعمل على قمع الرغبات الموجودة لدى الشخصية.
المعرف
قد يتكون من الطاقة النفسية اللاواعية التي تقوم بتلبية الرغبات الأساسية والاحتياجات، كما أنه يعمل على أساس مبدأ المتعة والذي يتطلب إشباع فوري.
تطبيقات نظرية التحليل النفسي
إن مزايا نظرية التحليل النفسي قد تظهر في تطبيقاتها والتي سوف نذكرها كالآتي :
العلاج من خلال التحليل النفسي
قد يعتبر من العلاجات الطويلة، التي قد تحتاج إلي وقت كبير ومجهود، ويرجع ذلك لأن تقييمه لشعور المريض وما يثيره من مقاومات يكون في اللاشعور، فيجعل من الصعب الوصول إلى المحلل الأخير، وكذلك صعوبة التغلب علي هذه المقاومة، لأنها تعتبر لا شعورية، فلا يشعر المريض بها، ولكن الطبيب قد يراها في جوانب الصراع، ولا يمكن الوصول إلى اللاشعور بسهولة ولكن يحتاج إلي وقت وجهد كبير.
المحافظة على الإطار التحليلي
إن النظرية التحليلية قد تقوم بالتركيز والحفاظ على الإطار التحليلي الخاص بها، وذلك لكي تتحقق الأهداف العلاجية، والحفاظ هنا يعني الأساليب العملية والعوامل التي يقوم المحلل النفسي باتباعها.
التداعي الحر
إن التداعي الحر يكون دوره أساسياً في الحفاظ على الإطار التحليلي، فمن خلاله يقوم العميل بإخراج الرغبات المكبوتة من مشاعر وأفكار وصراعات وتخيلات بداخل المريض أثناء الجلسات الإرشادية دون أي تدخل من قبل المرشد النفسي.
فيكون دور المعالج أو المرشد التحليلي هنا هو تحديد هذه الأشياء المكبوتة، ومحاولة التعرف على الصعوبات والأحداث التي حدثت للمسترشد.
التنويم المغناطيسي
يعتبر من الطرق التي تساعد العميل أو المسترشد في الإسترخاء، حيث يستطيع القيام بالتحدث بحرية بكل ما يريده من مشاعر وأفكار، وقد قام فرويد باستخدام التنويم المغناطيسي في بداية الطريقة العلاجية الخاصة به ثم قام باستبداله بالتداعي الحر بعد ذلك.
التفسير
يعتبر التفسير هو عملية التغذية الراجعة التي يتم تقديمها للمسترشد من قبل المرشد، وهو عملية بطيئة ومتدرجة، هدفها تحقيق الاستبصار الذي يقوم التفسير بإحضاره للتحويل والمقاومة.
تحليل الأحلام
يوضح فرويد أن الأحلام تعتبر طريق مهم يساعد في الوصول إلى اللاشعور، من خلال الأحلام قد يستطيع الفرد أن يعبر عن رغباته وحاجاته ومخاوفه، فقد يوجد لدي الفرد دوافع ليست مقبولة يعبر عنها بشكل غير مباشر، وفي هذه الحالة تكون الأحلام وسيلة واقعية وفعالة، لأنها تساعد الفرد في التعبير عن حاجاته الغير مقبولة.
تحليل المقاومة
تعتبر المقاومة من الأمور المهمة في التحليل النفسي، فهي عبارة عن أي شئ يعمل عكس تقديم العلاج، وتقوم بمنع المسترشد من القيام بإخراج المواد اللاشعورية.
في لختام
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا