إضطرابات التخاطر ونبوءات ذاتية التحقق[1] : أنت لا تستطيع ان تقطف وردة بدون أن يؤثر ذلك على ابعد نجم فى الكون .. هذا هو العالم يا سادة .. كل شئ .. وأنا أعنى هذه الكلمة .. كل شئ عبارة عن حزم من الترددات والموجات .. حتى أفكارنا عبارة عن مجموعة ترددات تصيب كل شئ ولا تؤثر إلا بالطرف المعنى بها فقط . فى هذا المقال سوف نتطرق قليلا لبعض إضطرابات التخاطر .. وكيف يمكن أن تأثر أفكارنا السلبية فى سلوكنا وكيف تأثر أيضا فى الطرف الأخر …
لنتطرق أولا لتأثير أفكارنا علينا وعلى الغير من ناحية علم النفس الإجتماعى .. قد قدمت لكم منذ فترة محاضرة فى علم النفس الإجتماعى بعنوان “نبوءات ذاتية التحقق” حيث كانت هناك نماذج واقعية وتجارب علمية تبين إن الأفكار تؤثر بشكل ملحوظ فينا وفى بيئتنا الخارجية . فأننا نتصرف بناءاً على أفكارنا وما تمليه علينا من سلوكيات لتجنب توقعات معينة ,
فلنأخذ على ذلك مثال بسيط وهذا المثال حدث معى شخصيا فى الواقع :
فى الماضى كنت أتدرب على الكونج فو .. وفى أحد الأيام بعد أن وصلت لمرحلة جيدة فى الدفاع قررت خوض تجربة القتال مع مدربى والذى كان فى ذلك الوقت صديقى قبل أن يكون مجرد مدرب عادى .. فكرت للحظة حين وافق المدرب على القتال إنه سوف يكون عدوانيا وإن ضرباته سوف تكون قوية وحقيقية وإن عليا أن أواجهه بحزم وصلابة وفى صدى لضرباته الأولى كنت صارما بعض الشئ مما دعاه إلى أن يكون صارماً ايضا .. وبين ضربة وضربة لكمته بوجهه لكمة قوية فغضب وأصابنى بضربة فى قدمى اليسرى أفقدتنى القدرة على المشى لمدة 3 شهور … وأثناء فترة العلاج الطبيعى والذى تولى هو مسؤوليتها أخبرنى انه ما كان ينوى توجيه ضربات قاسية لكنه اضطر لفعل ذلك بناءا على سلوكى معه فى القتال !!!
أدركت حينها اننى انا من دفعه ليكون أكثر عدوانية معى ! وهكذا تتحقق نبوءاتنا وتوقعاتنا فى الطرف الأخر نتيجة سلوكنا النابع فى الأساس من نتيجة أفكارنا ! ولا أخفى عليكم ان الحرب العالمية الثانية قامت فى الأساس بناءا على سوء تفاهم هكذا .. وهذا مثال أخر غير واقعى يوضح ما أحاول إيصاله لكم :
– على سبيل المثال مصر تفكر فى ان السودان دولة عدوانية ومن المتوقع حدوث ضربات عسكرية داخل أراضيها !! فقامت بناءا على ذلك التفكير بحشد بعض من القوات العسكرية على الحدود السودانية ..
– رأت السودان ان حشد قوات على الحدود مع مصر يعتبر انذار بضربات عسكرية داخل اراضيها !! فقامت على الفور بحشد قواتها ايضا مع الحدود المصرية !
– عندما حشدت السودان قواتها على الحدود أكد ذلك لمصر ان السودان فعلا دولة عدوانية وإنها تنوى فعلا توجيه ضربات عسكرية داخل الأراضى المصرية !! وهكذا …
لذا من المهم جدا ان ننتبه لطريقة تفكيرنا والتى سوف تؤدى بلا شك بنتيجة عكسية .. ومن ناحية أخرى تحاول الباراسايكولوجى فى أحد أهم فروعها العلمية تجنب مثل هذه الأفكار السلبية .. ففى التخاطر نحن نؤثر بشكل قوى فى الطرف الأخر من خلال أفكارنا ومن خلال اختيار المصطلحات المستخدمة بحيث ان الطرف الأخر يستقبل الفكرة وينفذها بحذافيرها بدون أدنى إدراك منه .. ولنأخذ على ذلك عدة أمثلة …
المثال الأول حول إضطرابات التخاطر ونبوءات ذاتية التحقق :
إمرأة ينشغل عنها زوجها فى أمر هام بالعمل مثلا دون أن تدرك هى سبب غيابه أو انشغال باله عنها , وهو فعلا لديه عذر قوى وأمر خارج عن إرادته بالعمل فلديه مشكلة مثلا أو أمر ما يحاول إصلاحه , وتراه على هذه الحالة , فتبدأ تفكر فى الأمر كثيرا بطريقة سلبية , على سبيل المثال تفكر فى إنه لم يعد يحبها كسابق عهده , لم يعد يهتم بها , يتطور التفكير ليصبح مخاوف “سوف يهجرنى , سوف يتزوج بأخرى , لم يعد يهتم , لم يعد يحبنى” , كل هذا وموجات التخاطر ترسل بشكل لا إرادى لزوجها محملة بهذه الرسائل فيتأثر المسكين بأفكارها بشكل لا إرادى , ويزيد الطين بلة حين يؤثر تفكيرها هذا فى سلوكها معه , فيبدأ يشعر بالضجر تجاهها ويتهرب من الحديث معها أو حتى قضاء الوقت معها , فتتفاقم المشاكل حتى تتجسد مخاوفها لتصبح واقع مؤلم !
المثال الثانى حول إضطرابات التخاطر ونبوءات ذاتية التحقق :
واقعى وسمعت به لكننى لا أذكر اين أو متى ..
إمرأة يتزوج زوجها بأخرى .. فسمعت عن التخاطر وقررت ان تمارسه على زوجها .. فظلت تمارس التخاطر وترسل له الموجات المحملة بالفكرة بإلحاح وبشكل متكرر فطلقها !! لماذا طلقها ؟ لأنها كانت ترسل له دائما : طلق زوجتك الأخرى … طلق زوجتك الأخرى … فإنظروا الى الزوج .. لم يتلقى من زوجته الأولى سوى فكرة واحدة “الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق” فالطرف المستقبل يا أعزائى لا يملك القدرة على تفسير نص الرسالة ولكنه يملك القدرة فقط على فهم الفكرة لا أكثر ولم يتلقى منها سوى فكرة الطلاق ,, وبالطبع مع سلوكها معه بعد علمها بزواجه أصبح وجوده معها مؤلم وحتى الفكرة التى تلح بذهنه تجاهها هى الطلاق وهى صاحبة هذه الفكرة بالأساس .. فلماذا لا يطلقها هى ؟ هكذا قضت على حياتها معه عبر الإستخدام السلبى للتخاطر !!
مقالات ذات صلة : الباراسايكولوجي تخدم الحروب والتجسس
فعلينا أن ندرك ان التخاطر يمكن ان تحدث به إضطرابات وأفكار سلبية من شأنها أن تقلب حياتنا رأساً على عقب …فإحذروا من التفكير السلبى وراقبوا أفكاركم جيدا خاصة ما اذا كانت تتعلق بطرف أخر ..
لولا ضيق الوقت لإسترسلت فى الكتابة .. شكرا لكم .
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا