اضطراب الفصامهو اضطراب عقلي خطير يؤثر على كيفية تفكير الشخص وشعوره وتصرفه. على الرغم من أن الفصام ليس شائعًا مثل اضطرابات عقلية أخرى، إلا أنه يمكن أن يكون أكثر تعقيدًا وأشد تأثيرًا على حياة المصاب.
اضطراب الفصام من الاضطرابات التي تحتاج إلى فهم عميق ورعاية شاملة نظرًا لتأثيره الكبير على حياة الأفراد المصابين به. وفي هذا المقال سوف نتعرف أكثر على هذه الحالة، وأهم أعراضها وطرق علاجها.
ما هو اضطراب الفصام؟
اضطراب الفصام [1] هو اضطراب عقلي يؤثر على قدرة الشخص على التفكير بوضوح وإدارة العواطف واتخاذ القرارات والتفاعل مع الآخرين. يمكن أن يسبب الفصام مجموعة من المشاكل النفسية مثل الهلاوس والأوهام والتفكير غير المنظم. يؤثر الفصام على حوالي 1% من السكان في جميع أنحاء العالم.
أعراض اضطراب الفصام
تتراوح أعراض اضطراب الفصام [2] بين الأعراض الإيجابية والسلبية والمعرفية، وتشمل:
الأعراض الإيجابية
تشير الأعراض الإيجابية إلى الأفكار أو التصرفات الذهانية التي ليست جزءًا من التجارب الطبيعية، ومنها:
- الهلاوس: وهي تجارب حسية غير موجودة في الواقع، مثل سماع أصوات أو رؤية أشياء لا يراها الآخرون.
- الأوهام: معتقدات خاطئة وغير واقعية، مثل الاعتقاد بأن الشخص مراقب أو أن لديه قدرات خاصة.
- التفكير غير المنظم: صعوبة في تنظيم الأفكار والتحدث بطريقة غير مفهومة.
- الحركات غير الطبيعية: قد يظهر على الشخص حركات جسدية غير طبيعية أو لا يتحرك على الإطلاق لفترات طويلة.
الأعراض السلبية
تتعلق الأعراض السلبية بنقص في القدرات الطبيعية، وتشمل:
- اللامبالاة: نقص في التعبير العاطفي والاهتمام بالأنشطة اليومية.
- الانسحاب الاجتماعي: تجنب التفاعل مع الأصدقاء والعائلة والمجتمع.
- نقص الدافع: عدم القدرة على البدء أو الاستمرار في الأنشطة أو الأهداف.
- الافتقار إلى التعبير العاطفي: قد يتحدث الشخص بنبرة صوت مسطحة ويفتقر إلى تعبيرات الوجه الطبيعية.
الأعراض المعرفية
تشمل الأعراض المعرفية المشاكل في الذاكرة والانتباه والتفكير، مثل:
- مشاكل في الذاكرة: صعوبة في تذكر المعلومات أو استخدامها.
- ضعف الانتباه: صعوبة في التركيز أو الانتباه.
- صعوبة في اتخاذ القرارات: مشاكل في التفكير المجرد والتخطيط للمستقبل.
مقال ذي صلة: اضطراب الآنية: الأعراض، الأسباب والعلاج
أسباب اضطراب الفصام
على الرغم من أن السبب الدقيق للفصام غير معروف، إلا أن هناك عدة عوامل قد تساهم في تطوير هذا الاضطراب، وتشمل:
العوامل الوراثية
تلعب الوراثة دورًا هامًا في اضطراب الفصام. يكون لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من اضطراب الفصام خطر أعلى للإصابة بهذا الاضطراب. الأبحاث تشير إلى أن هناك جينات معينة قد تزيد من خطر الإصابة بالفصام، ولكن لم يتم تحديد جين واحد مسؤول عن هذا الاضطراب.
العوامل البيئية
يمكن أن تساهم العوامل البيئية مثل التعرض للتوتر أو صدمات الطفولة أو تعاطي المخدرات في زيادة خطر الإصابة بالفصام. العوامل البيئية قد تتفاعل مع العوامل الوراثية وتزيد من احتمال ظهور الأعراض.
العوامل البيوكيميائية
تشير الأبحاث إلى أن هناك اختلالات في كيمياء الدماغ قد تكون مسؤولة عن اضطراب الفصام. تشير النظريات إلى أن هناك خللاً في تنظيم النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين، والتي تلعب دورًا في إرسال الرسائل بين خلايا الدماغ.
العوامل النفسية
تلعب العوامل النفسية دورًا في تطور اضطراب الفصام، بما في ذلك الإجهاد النفسي والعوامل النفسية الأخرى مثل القلق والاكتئاب.
التأثير السلبي للفصام
هذا الاضطراب يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية متعددة على الشخص المصاب، وعلى حياته اليومية والعلاقات الاجتماعية والمهنية.
فيما يلي سنستعرض بعض التأثيرات السلبية الرئيسية للفصام.
-
التأثيرات النفسية والعاطفية
اضطرابات التفكير
اضطراب الفصام يتسبب في اضطراب في التفكير يجعل من الصعب على الشخص تنظيم أفكاره أو التعبير عنها بوضوح. قد يجد الأشخاص المصابون بالفصام صعوبة في متابعة المحادثات أو الرد على الأسئلة بطريقة منطقية.
تدهور الحالة العاطفية
غالباً ما يعاني الأشخاص المصابون بالفصام من فقدان الاستمتاع بالأشياء التي كانوا يستمتعون بها سابقًا، وهي حالة تُعرف باسم فقدان الشعور بالمتعة (Anhedonia). قد يعانون أيضًا من الاكتئاب والقلق، مما يزيد من تعقيد حالتهم النفسية.
-
التأثيرات الاجتماعية
العزلة الاجتماعية
الأشخاص المصابون بالفصام غالبًا ما ينسحبون من الحياة الاجتماعية. يمكن أن تؤدي الأعراض الذهانية مثل الهلوسة والأوهام إلى شعورهم بالارتباك أو الاضطهاد، مما يدفعهم إلى العزلة لتجنب المواقف التي تسبب لهم التوتر.
صعوبة في بناء العلاقات
تتأثر القدرة على بناء علاقات اجتماعية بشكل كبير بسبب اضطراب الفصام. السلوكيات غير المتوقعة والصعوبات في التواصل قد تجعل من الصعب على الأصدقاء وأفراد العائلة الحفاظ على العلاقات مع الشخص المصاب.
-
التأثيرات المهنية والتعليمية
ضعف الأداء الوظيفي
اضطراب الفصام يمكن أن يؤثر سلبًا على القدرة على الاحتفاظ بوظيفة. قد تؤدي اضطرابات التفكير وقلة التركيز إلى ضعف الأداء المهني، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظيفة وزيادة الضغط المالي.
التحديات التعليمية
بالنسبة للطلاب، يمكن أن يعيق اضطراب الفصام القدرة على التركيز والتحصيل الأكاديمي. قد يكون من الصعب على الطالب المصاب بالفصام إكمال الدراسة أو تحقيق درجات جيدة، مما يؤثر على مستقبله التعليمي والمهني.
-
التأثيرات الصحية
المخاطر الصحية الجسدية
الأشخاص المصابون بالفصام معرضون بشكل أكبر للإصابة بالأمراض الجسدية مثل السمنة وأمراض القلب والسكري. يمكن أن يكون ذلك نتيجة لأسلوب الحياة غير الصحي الذي قد يتبناه الشخص المصاب بسبب قلة النشاط البدني أو بسبب الآثار الجانبية لبعض الأدوية المستخدمة في علاج الفصام.
تدهور الصحة العقلية
قد يؤدي اضطراب الفصام، إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح، إلى تدهور الحالة العقلية بشكل أكبر. يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض نفسية أخرى، مثل الاكتئاب الحاد أو اضطراب القلق.
علاج اضطراب الفصام
يتطلب علاج اضطراب الفصام[3] نهجًا متعدد الأوجه يشمل الأدوية والعلاج النفسي والدعم الاجتماعي. الهدف من العلاج هو تخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة للمصابين.
الأدوية
تعتبر الأدوية المضادة للذهان الخط الأول في علاج اضطراب الفصام. تساعد هذه الأدوية في تقليل الأعراض الذهانية مثل الهلاوس والأوهام. تشمل الأدوية الشائعة:
- الأدوية المضادة للذهان التقليدية: مثل هالوبيريدول وكلوربرومازين، والتي تستهدف بشكل رئيسي مستقبلات الدوبامين.
- الأدوية المضادة للذهان غير التقليدية: مثل ريسبيريدون وأولانزابين، والتي تعتبر أكثر حداثة ولها تأثيرات جانبية أقل.
العلاج النفسي
يمكن أن يكون العلاج النفسي مفيدًا في معالجة الأعراض وتحسين التفاعل الاجتماعي والمهارات الحياتية، ويشمل:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد في تغيير الأفكار السلبية وتحسين التفاعل مع الواقع.
- العلاج الأسري: يهدف إلى دعم العائلة وتوفير المعرفة اللازمة للتعامل مع المصاب بالفصام.
- التدريب على المهارات الاجتماعية: يساعد المرضى على تحسين تفاعلاتهم الاجتماعية والاندماج في المجتمع.
الدعم الاجتماعي
الدعم الاجتماعي جزء مهم من خطة العلاج ويشمل:
- برامج إعادة التأهيل: تهدف إلى تحسين المهارات الحياتية والمهنية للمصابين بالفصام.
- دعم الأقران: المجموعات الداعمة توفر بيئة آمنة للمصابين لمشاركة تجاربهم وتلقي الدعم.
- الدعم المجتمعي: توفير السكن والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية للمساعدة في تحسين جودة الحياة.
الخاتمة
اضطراب الفصام هو اضطراب معقد يتطلب فهمًا عميقًا ورعاية شاملة. من المهم تقديم الدعم المناسب للمصابين وتحسين الوعي المجتمعي حول اضطراب الفصام لتخفيف الوصمة الاجتماعية المرتبطة به.
من خلال الجمع بين الأدوية والعلاج النفسي والدعم الاجتماعي، يمكن تحسين جودة حياة المصابين بالفصام ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع بشكل أفضل.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا