الصدمات النفسية قد تحدث للأفراد نتاج تعرضهم لحدثٍ جلل كالحروب والكوارث والحرائق، وعدم قدرتهم على تحملها نفسيا، لذا يزداد شعورهم بالخوف والقلق والاضطراب، هذا بخلاف الاكتئاب والكوابيس المؤلمة والمخيفة.
ويعتبر بعض المختصين في مجال الصحة النفسية أن هذه الاضطرابات هي اضطرابات تحدث على المدى القريب من الصدمة، وأنه يوجد اضطرابات أخرى تحدث على المدى البعيد قد تتمثل في الأمراض النفسية الصعبة، كالفصام والوسواس القهري وغيرهما.
في هذه المقالة سوف نتعرف أكثر على الصدمات النفسية من ناحية المفهوم والأعراض والعلاج.
مفهوم الصدمة النفسية في علم النفس
الصدمة النفسية [1] هي الحوادث الجسمية أو النفسية التي يتعرض لها الشخص خلال حياته. والتي تترك أثرًا كبير عليه بحيث لا يستطيع التخلص منها، وتؤثر سلبًا على حياته اليومية.
أعراض الصدمات النفسية
يشير المختصون بأنه قد لا تظهر أعراض الصدمة النفسية [2] بشكل مباشر بعد التعرض للصدمة مباشرة، فهناك أشخاص تبدأ معهم الأعراض في الظهور بعد مرور ثلاثة أشهر من الصدمة، وهناك من تزيد عنده هذه المدة، ولكن في النهاية فإن المصاب بالصدمة النفسية تظهر عليه العديد من الأعراض والعلامات والتي منها ما يلي:
- الكوابيس عند النوم، فهو لا يشعر بالراحة النفسية والجسدية التي يجب أن يحصل عليها وقت النوم، وهذا نتاج تعرضه للكوابيس التي تخيفه وتشعره بالاختناق والتعرق وارتفاع ضربات القلب.
- استدعاء الماضي بذكرياته الأليمة بما فيه الحادث أو الصدمة التي حدثت له، معتقدا أنها سوف تحدث مرة أخرى.
- ينتابه طوال الوقت أفكار سلبية تجاه كل شيء، هذا غير الأفكار المخيفة التي تسبب له رهاب وخوف من كل ما هو آت.
- تجنب التحدث مع أي شخص كان قريباً أو غريباً عن الصدمة التي حدثت له، فهو لا يطمئن إذا تحدث شخص عنها أمامه كما أنه يشعر بالقلق الشديد تجاه هذا الحوار، ولهذا يحاول جاهدا الابتعاد عن أي شخص يذكره بهذا الحادث.
- الاضطراب الشديد الذي ينتج عنه عدم القدرة على النوم.
- الغضب والاستثارة لأقل الأشياء التي لم تكن لتثيره قبل تعرضه للصدمة.
- يصبح الشخص المصاب بالصدمة النفسية شخصا حساسا للغاية لأي شيء قد يحدث، فهو يعتقد وقتها أن حادث ما سوف يحدث.
- قد يلجأ البعض منهم إلى تناول الكحوليات والمواد المخدرة وقد يصل الأمر إلى الإدمان، اعتقادًا أن هذا الإدمان يجعله في أفضل حال عما كان بعد الحادث الذي تعرض له.
- الشعور الدائم بالاكتئاب والحزن وفقدان متع الحياة، وعدم الشعور بالسعادة تجاه أي أمر كان يسعده من قبل.
- ضعف الجهاز
المناعي والعصبي والهضمي وزيادة ضربات القلب، فهو يصبح إنساناً ضعيفاً غير قادر على أداء مهامه اليومية.
أسباب الصدمات النفسية
لا تقتصر الإصابة بـ الصدمات النفسية على فئة بعينها، بل قد تمتد لتشمل جميع الفئات بأعمارها المختلفة.
من أهم أسباب الصدمات النفسية [3] عند مختلف الفئات:
- قد يتعرض الفرد لصدمة أو أزمة، هذه الأزمة تؤثر عليه لفترة طويلة الأمد.
- مرور الأطفال الصغار بصدمات في عمر مبكر، وهذا مثل إهمال أحد الوالدين للطفل، ومعاقبته بشكل دائم.
- تعرض الفرد لكارثة من الكوارث الطبيعية، كالزلزال والفيضانات والسيول.
- قد يعاصر الفرد فترة حروب، هذه الحروب تؤثر على بعض الأفراد تأثيرا سلبيا لدرجة الصدمة النفسية.
- المرور بحالة اكتئاب وقلق، هذه الحالة تستمر لفترة طويلة دون أي تقدم في العلاج.
- إدمان المخدرات بكافة أنواعها يجعل الإنسان ضعيف الشخصية، كذلك تناول الكحوليات يساهم في إصابة الفرد بالصدمات النفسية التي تشعره بحالة نفسية سيئة طوال الوقت.
- قلة الدعم المعنوي الذي يحتاجه الفرد من عائلته والمقربين منه وكذلك الأحباء، فإذا واجه ورأى منهم القسوة والجحود فإنه بلا شك سوف يتعرض للصدمة النفسية.
- قد يكون السبب وراثي كتعرض أحد أفراد الأسرة للإصابة بصدمة نفسية في وقت سابق.
مضاعفات الصدمات النفسية
ليس من السهل على الفرد المصاب باضطرابات نفسية وصدمات نفسية ممارسة حياته بشكل طبيعي، فهذا المصاب يتعرض لبعض المضاعفات التي تؤثر على حياته بشكل عام، وفيما يلي سوف نعرض جزءً من هذه المضاعفات والتي تتضمن ما يلي:
- أن الإنسان الذي يتعرض للصدمة النفسية قد يصاب ببعض الأمراض الجسمية المزمنة، وهذا مثل الإصابة بمشكلات في القلب، واضطرابات في المعدة والجهاز الهضمي، كذلك يتأثر المخ بشكل كبير.
- صعوبة إنجاز المهام والأعمال المختلفة، سواء المهام المنزلية أو مهام العمل، فتصبح المرأة غير قادرة على القيام بالأعمال المنزلية وغير قادرة على الاهتمام بالأطفال في حال تواجدهم.
- كما أن الرجل لا يقدر على أن ينجز أعماله داخل نطاق العمل والوظيفة التي يشغلها، أما في حالة الأطفال فقد لا يرغب الطفل في اللعب مع الإخوة والأصدقاء، وغير قادر على الدراسة وحل الواجبات المنزلية.
علاج الإصابة بالصدمات النفسية
هناك بعض الأفراد الذين يتعرضون للاكتئاب المزمن، كذلك القلق والتوتر المزمن الذي يؤثر عليهم، وهذا يحدث نتيجة تعرضهم لأزمة أو مشكلة نفسية أو تعرضهم لاعتداء من قبل أشخاص آخرين، قد يكون هذا الاعتداء اعتداء جسمي كالاغتصاب، أو اعتداء معنوي كالتعدي عليهم لفظيا أو إهانتهم بشكل مستمر.
هذا بخلاف عدم تقديرهم، وعدم تقديم الدعم المعنوي والنفسي لهم، وإهمالهم بشكل كبير من المقربين إليهم سواء من أسرهم أو أصدقائهم أو أحبائهم.
ومع اختلاف الأسباب التي قد تؤدي إلى إصابة الفرد بالصدمة النفسية فلابد من اللجوء إلى الطبيب النفسي في كل الأحوال؛ حتى لا تتفاقم الأمور ولا تزداد سوءًا.
خاصة إذا زادت التأثيرات عليه واستمرت لفترة كبيرة من الزمن تصل إلى شهر أو أكثر، بشكل أثر عليه تأثيراً سلبيا في حياته وإنجاز مهامه، فقد تصل الأمور في بعض الأحيان إلى محاولة الشخص أن يؤذي نفسه، أو أن يتخلص من حياته نهائيا.
لذا فإن زيارة الطبيب واجبة من أجل علاج الصدمة النفسية [4]، وهذا من خلال قيام الطبيب باستخدام طرق العلاج المناسبة، والتي لن تخرج عن الآتي:
العلاج المعرفي
يتم مساعدة المريض في هذا النوع من العلاج على التخلص تماما من الأفكار السلبية التي تهاجمه بشكل دائم ومستمر فتزيد من تعرضه للقلق والاكتئاب بشكل مزمن.
هنا يقوم الطبيب بعلاج المصاب بالتعرض، وهذا من خلال مواجهة المصاب بكل المواقف والذكريات المؤلمة التي تسببت في حدوث الصدمة النفسية، وهذا من أجل مساعدة المصاب على التخلص من كافة الذكريات المؤلمة عن الحادث الذي مر به.
إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة
حيث يقوم الطبيب المعالج بالجمع بين العلاج المعرفي والعلاج بالتعرض وحركة عين المصاب، وهذا من أجل مساعدة المصاب على التخلص من كافة الذكريات المؤلمة.
فالطبيب النفسي يعمل على اللجوء لكل أنواع العلاجات الممكنة، هذا غير العلاج النفسي الفردي أو العلاج الجماعي، والتي تساهم جميعها بشكل فعال مع المصاب، وهذا من أجل القضاء تمامًا على الخوف الذي قد يواجه.
كما قد يلجأ الطبيب في بعض الحالات إلى وصف أدوية معالجة بجانب العلاج المعرفي والعلاج بالتعرض والعلاج بالجلسات.
فهو يصف للمصاب أدوية مضادة للاكتئاب ومضادة للقلق والتوتر، وهذا من أجل تخفيف حدتهما والحد من تأثير كلا منهما على الشخص المصاب.
كما توجد بعض الحالات المتقدمة والصعبة والتي تستدعي مكوث المريض داخل المستشفى أو المصحة النفسية تحت إشراف طبي متكامل ورقابة عالية؛ حتى لا يقوم المريض بإيذاء نفسه، وذلك نتيجة إصابته بالاكتئاب الحاد الناتج عن تعرضه لصدمة نفسية، الأمر الذي قد يدفعه إلى فعل أي شيء قد يضره.
لذا فإن دور الطبيب المعالج هام ومؤثر في تعديل وتوجيه المريض إلى المسار الحياتي الصحيح من أجل عيش حياة مستقرة.
مقالات ذي صلة : أهمية التوعية بالصدمات النفسية
هل تحتاج إلى مساعدة؟
إذا كنت تُعَانٍي من أعراض صدمات نفسية خطيرة. لا تواجه هذه الحالة وحدك، فالآن يمكنك الحصول على مساعدة طبية احترافية.
تواصل مع طبيب نفسي اونلاين الآن.
في الختام
يتضح لنا أن للصدمات النفسية أثار ومضاعفات خطيرة على الحياة الشخصية للمصاب. لهذا يجب علينا أن نرفع الوعي حول الصدمات النفسية ونحث الأشخاص الذين يعانون منها على اللجوء إلى الطبيب النفسي.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا
تعليق واحد
التعليقات مغلقة