اليوم وفي هذا المقال سوف نسلط الضوء على أحد الأمراض الشائعة التي تسبب في تفكيك العلاقات وتدميرها، مرضنا اليوم هو مرض الوسواس القهري الذي أصاب فئة كبيرة من مجتمعات اليوم، حيث سوف نتعرف على ماهية هذا المرض، كما سوف نتطرق إلى الأسباب والأعراض وراء هذا المرض ؟ وأخيرًا سوف نعرف ماهو العلاج الممكن لهذا المرض ؟
ماهو الوسواس القهري
الوسواس القهري، المعروف [1] أيضًا بالتوتُر المرضي ، هو اضطراب نفسي يتسم بظهور أفكار مُتكررة ومُتعِبة وتشكُل خُوفًا وقلقًا يعرف بالوساوس، مع الشعور بالحاجة المُلحَة للقيام بأفعال مُتكررة تُعرف بالإجراءات القهرية، يُعتبر الوسواس المرضي اضطرابًا مزمنًا يُؤثِّر على حياة الأشخاص المُصابين به.
تعتبر الأفكار الوسواسية عبارات أو صور مُستمرة ومُتكررة في العقل مثل الخوف من التلوث أو الشك في الأمور، أو الخوف من الإصابة بالمرض، أو الشك المُفرط في الأداء، فيشعُر المرضى بالقلق الشديد والضغط النفسي بسبب هذه الأفكار ولا يستطيعون التخلص منها بسهولة.
بالإضافة إلى الأفكار الوسواسية، يقوم المرضى بالإجراءات القهرية المتكررة في محاولة للتخفيف من التوتُّر المُرَضِي، حيث يمكن أن تشمل هذه الإجراءات غسل اليدين بشكل مُفرِط، وفحص الأشياء بشكل متكرر، وعد التفاصيل بشكل متكرر، وإجراءات أخرى تتكرَّر بشكل دوري ولا تكون ضرورية غالبًا.
يتسبب الوسواس القهري في تعطيل حياة الأشخاص المُصابين، حيث يستغرق المرض وقتا وجهدا كبيرا لمواجهة الوسواس والإجراءات القهرية، مما يؤثِّر سلبًا على الأداء الوظيفي والاجتماعي والشخصي، كما قد يصاحب الوسواس المرضي أيضًا الاضطرابات القلقية الأخرى أو اكتئاب.
مقال ذي صلة: أعراض التفكير الزائد والوسواس وطرق التخلص منه
علامات الوسواس القهري
علامات الوسواس القهري [2] تشمل مجموعة من السلوكيات والأفكار التي يمكن أن تظهر لدى الأفراد المصابين بهذا الاضطراب.
العلامات الشائعة للوسواس القهري:
يُشير وجود هذه العلامات إلى أن الفرد قد يعاني من اضطراب وسواس قهري، ويُفضل في حالة الاشتباه بالإصابة بمثل هذا الاضطراب الاستعانة بالطبيب النفسي.
أسباب الوسواس القهري
تُعتَبرُ أسباب الوسواس القهري [3] متعددة ومعقدة، وحتى الآن لم يتوصل العلم إلى السبب الرئيسي وراء هذا المرض إلا أن هناك عوامل محتملة يُعَتَقَدُ أنها قد تُساهم في ظهور الوسواس القهري، وتشمل:
- العوامل الوراثية: يُعَتَقَدُ أن هُناكَ عامل وراثي قد يلعب دورًا في حدوث الوسواس المرضي، حيث إن وجود أفراد مصابين بالاضطراب في العائلة يزيد من احتمالية إصابة أفراد العائلة الآخرين به،ومع ذلك فإن الوراثة ليست العامل الوحيد، وليس كل الأشخاص الذين يحملون الجينات المرتبطة بالوسواس القهري سيطورون المرض.
- التغييرات الكيميائية في الدماغ: يُشَيرُ الباحثون إلى وجود تغيرات في التوازن الكيميائي في الدماغ للأشخاص المصابين بالوسواس القهري، بما في ذلك السيروتونين والدوبامين والنورأدرينالين. كما يُعَتَقَدُ أن هذه التغيرات الكيميائية قد تؤثر على الإشارات العصبية والتواصل بين الخلايا العصبية في الدماغ.
- الصدمات النفسية: يُعَتَقَدُ أن الأحداث الحياتية والتجارب السابقة يمكن أن تلعب دورًا في ظهور الوسواس المرضي، قد يكون التعرض لمواقف مؤلمة أو تجارب تربوية قاسية قد تؤدي إلى تكوين أنماط فكرية سلبية ووسواسية.
- العوامل البيئية: تعتبر بعض العوامل البيئية، مثل التوتر النفسي الشديد أو الصدمات النفسية، عوامل محتملة لظهور الوسواس المرضي. قد تؤدي الضغوط النفسية المستمرة والتوتر الشديد إلى تفاقم الأعراض وظهورها بشكل أكثر حدة.
يرجى ملاحظة أن هذه العوامل تم اقتراحها استنادًا إلى الأبحاث والنظريات الحالية، وما زالت الدراسات مستمرة لتحديد أسباب الوسواس القهري بشكل أوضح لهذا من الممكن أن يكون لكل فرد تجربة فردية وعوامل خاصة به في ظهور الاضطراب.
لماذا يتسبب الوسواس في فشل العلاقات
يمكن أن يؤدي الوسواس القهري إلى فشل العلاقات بسبب تأثيره السلبي على الحياة الشخصية والاجتماعية للأشخاص المصابين به وفيما يلي بعض الأسباب المحتملة:
- القلق والتوتر الشديد: يشعر الأشخاص المصابون بالوسواس القهري بقلق وتوتر مستمر بسبب الأفكار الوسواسية والإجراءات القهرية، فقد يكونون مشغولين بأفكارهم وقلقهم الشخصي ولا يستطيعون التركيز على العلاقات الاجتماعية بشكل كامل.
- الانعزال والانفصال: قد يتجنب الأشخاص المصابون بالوسواس المرضي الأنشطة الاجتماعية والتواصل مع الآخرين، بسبب الخوف من تفاقم الأعراض أو التجنب من مواقف تثير الوسواس، هذا الانعزال والانفصال قد يؤدي إلى انقطاع العلاقات الاجتماعية وفشلها.
- الإجهاد على العلاقات: يمكن أن يكون الوسواس القهري مرهقًا على العلاقات الشخصية، فقد يتعب الشريك أو الأصدقاء بسبب الحاجة المستمرة للتأكد والإجراءات القهرية، فقد يفقدون الصبر أو يشعرون بالإحباط مما يؤدي إلى انقطاع الاتصال وفشل العلاقة.
- صعوبة التفاهم: قد يصعب على الأشخاص غير المصابين بالوسواس المرضي فهم طبيعة الاضطراب والأفكار الوسواسية، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى عدم التفاهم والانفصال بين الشخص المصاب والآخرين، وقد يؤثر ذلك سلبًا على العلاقات الشخصية والاجتماعية.
معالجة الوسواس المرضي والحصول على العلاج المناسب يمكن أن يساعد في تحسين العلاقات الشخصية.
علاج الوسواس القهري
علاج الوسواس القهري[4] يشمل نهجًا متعدد الأوجه يتضمن العلاج الدوائي والعلاج النفسي والدعم الاجتماعي. يتم تخصيص خطة العلاج وفقًا لاحتياجات كل فرد وشدة الأعراض التي يعاني منها. قد يتضمن علاج الوسواس القهري ما يلي:
العلاج الدوائي: يُعتَبرُ استخدام الأدوية المضادة للاضطرابات القهرية، مثل مثبطات اعتماد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، فهي أحد أساسات علاج الوسواس المرضي، كما يمكن أن تساعد هذه الأدوية في تحسين التوازن الكيميائي في الدماغ وتقليل الأعراض الوسواسية، يتم وصف الجرعة ومدة العلاج وفقًا لاحتياجات المريض وتوصية الطبيب المعالج.
العلاج النفسي: يشمل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج الإيحائي، حيث يعمل العلاج السلوكي المعرفي على تغيير الأفكار والمعتقدات السلبية والتعامل مع الوسواس من خلال تقنيات محددة، مثل تحليل الأفكار الوسواسية وإعادة التقييم العقلي.
يهدف العلاج الإيحائي إلى استكشاف الأسباب العميقة للوسواس وتعزيز الوعي الذاتي والتغيير الشخصي.
الدعم الاجتماعي: يُعَتَبَرُ الدعم الاجتماعي جزءًا هامًا من علاج الوسواس المرضي، حيث يشمل ذلك الحصول على الدعم من أفراد الأسرة والأصدقاء والمجتمع المحيط، قد يكون التواصل مع الأشخاص الآخرين الذين يعانون من نفس الاضطراب مفيدًا، حيث يمكن تبادل الخبرات والتجارب وتقديم الدعم المتبادل.
التدريب العملي: يُعَتَبَرُ التدريب العملي أحد الأساليب الفعالة في علاج الوسواس القهري، حيث يتضمن ذلك التعرض المتكرر والتدريب التدريجي على المواقف التي تثير الوسواس، مع تعلم كيفية التعامل مع الأفكار الوسواسية بطرق أكثر صحة ومرونة.
يجب أن يتم توجيه العلاج بواسطة فريق من الأطباء والمختصين النفسيين المؤهلين. فقد يتطلب العلاج الصبر والمتابعة المنتظمة والتواصل المستمر مع الفريق العلاجي لضمان تحقيق أفضل النتائج الممكنة وتحسين جودة حياة المريض.
هل تحتاج إلى مساعدة؟
إذا كنت تُعَانٍي من علامات الوسواس القهري، لا تواجه هذا الطريق وحدك. العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن يكون بداية طريقك نحو التعافي.
احصل على دعم حصري، تواصل مع طبيب نفسي اونلاين الآن.
في الختام
في نهاية هذا المقال نرغب في توجيه رسالة إلى أولئك الذين يعانون من الوسواس القهري. نحن ندرك تمامًا مدى التحديات التي تواجهونها ومدى الألم الذي يصاحب هذا الاضطراب، نحن هنا لأجلكم.
نعلم أن الوسواس القهري يمكن أن يشعركم بالعجز والانعزال والإحباط. لكن لا تفقدوا الأمل، فهناك مساعدة متاحة وعلاجات فعالة لمساعدتكم على التغلب على هذا الاضطراب. اطلبوا المساعدة من الأشخاص المؤهلين والمتخصصين في الصحة النفسية ولا تترددوا في طلب الدعم الاجتماعي من الأصدقاء والعائلة.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا