يعاني كثير من الأشخاص اليوم من تشتت مستمر للانتباه، إذ تجدهم غير قادرين على التركيز على نفس المهمة لأكثر من دقائق معدودة. هذه المشكلة تمثل حالة نفسية شائعة تسمى اضطراب تشت الانتباه. والتي سوف نتعرفها علىها في هذا الموضوع اليوم.
تعريف اضطراب تشتت الانتباه
اضطراب تشتت الانتباه [1] هو نوع من أنواع الاضطراب النفسي الذي يصيب الفرد في مرحلة الطفولة حتى مرحلة البلوغ، هذه الإصابة تؤثر على الطفل، فيجد يجد صعوبة في الانتباه للأشياء المحيطة به سواء التي يسهل التنبه لها أو غير ذلك.
تظهر هذه الصعوبات في تحصيله الدراسي، ليس لأنه غبي بل لأنه مصاب بمرض اضطراب تشتت الانتباه، لذا لابد من اللجوء إلى طبيب نفسي معالج لحل هذه المشكلة والتغلب عليها.
أعراض اضطراب تشتت الانتباه
تبدأ أعراض اضطراب تشتت الانتباه [2] في الظهور عند الأطفال قبل سن الثامنة، وهناك أطفال تظهر عليهم الأعراض قبل ذلك، كما قد تظهر بعض الأعراض في فترة الرضاعة،
هذه العلامات والأعراض تتمثل في الآتي:
- قلة انتباه الطفل للتفاصيل التي يقوم بها، وعدم قدرته على أداء مهامه كما يجب، لذا تزداد أخطائه من وقت إلى آخر نتيجة لقلة انتباهه وتركيزه.
- عدم القدرة على التحصيل الدراسي أو المدرسي؛ ليس لأنه يعاني من قلة الذكاء ولكن السبب يرجع لأنه يعاني من اضطراب تشتت الانتباه.
- لا يستطيع الطفل المصاب أن يظل أطول فترة ممكنة منتبها ويقظا، وهذا من أجل انشغاله بالقيام بالأنشطة المختلفة خلال يومه مثله مثل أي طفل طبيعي.
- يحتاج دائمًا إلى المساعدة سواء في عمل الواجبات المنزلية التي قد تكون بمثابة العبء بالنسبة له، كذلك يحتاج المساعدة والمعاونة على اللعب وممارسة الرياضات المختلفة.
- إذا طُلب منه تنفيذ تعليمات معينة تناسب سنه وقدراته العقلية فلا يستطيع فعلها، هذا لأنه يجد صعوبة بالغة في التركيز من أجل تنفيذ المهام والتعليمات المطالب بها.
- ليس لديه القدرة على تنظيم الأشياء الخاصة به بعد استخدامها، كما يتهرب دائمًا من أي مسئولية قد تقع عليه تطالبه بتنفيذ بعض المهام التي تمثل صعوبة بالنسبة له.
- إن الطفل المصاب باضطراب تشتت الانتباه من أكثر الأطفال التي تضيع أغراضها، وليس لديهم المقدرة على الاحتفاظ بها، وهذا مثل الكتب والكراسات والأقلام، وغيرها من أدوات مدرسية، هذا بالإضافة إلى الألعاب التي كان يمتلكها ولكنه لا يتذكر كيف وأين فقدها.
- كما أن ذلك الطفل دائم النسيان لأبسط الأشياء، علاوة على أنه من أكثر الأطفال عصبية واستثارة من أقل الأشياء إذا ما قورن بالأطفال الآخرين.
أسباب اضطراب تشتت الانتباه
قد يظن بعض الآباء أنهم هم السبب الرئيسي في إصابة أبنائهم بمرض اضطراب تشتت الانتباه وأنهم أهملوا في أبنائهم، ويظلوا في حالة تأنيب ضمير.
ولكن أرجع علماء علم النفس الإصابة باضطراب تشتت الانتباه إلى أسباب وراثية وبيئية، وهذا يعنى أنه لا دخل للآباء في حدوث الإصابة لأبنائهم.
وفيما يلي سوف نوضح أسباب اضطراب تشتت الانتباه [3] التي حددها العلماء بالتفصيل:
مقالات ذي صلة : صعوبة التركيز بسبب الاكتئاب: وطريقة العلاج
اضطرابات الدماغ:
قد يحدث اضطرابات في الدماغ وبنيته بشكل يؤثر على الفرد وخاصة الأطفال، فالدماغ هي التي تتحكم في تصرفات الفرد وانتباهه للأمور، كما أنه هو المسئول عن صحة وسلامة الفرد العقلية.
ولقد توصل العلماء إلى هذا السبب من خلال عمل الأشعة والتحاليل على الأطفال المصابين باضطراب تشتت الانتباه، حيث توصلوا من خلال الفحص والنتائج أن إصابة بعض الأطفال بهذا الاضطراب ترجع إلى قصور في بنية الدماغ.
عامل الوراثة:
تلعب الوراثة دورا هاما في نقل الجينات والأمراض وكذلك الاضطرابات من جيل إلى جيل آخر، فإذا كان هناك شخص في العائلة مصاب باضطراب تشتت الانتباه فقد تنتقل الإصابة إلى أطفال الجيل الجديد في نفس العائلة.
فقد أشارت الأبحاث إلى أنه في كل أربعين طفل مصاب باضطراب تشتت الانتباه يوجد طفل واحد ترجع إصابته إلى العامل الوراثي، وجود تاريخ سابق لأحد أفراد العائلة مصاب بهذا الاضطراب.
عوامل بيئية:
وهذا كممارسة الأم بعض العادات السيئة التي تؤثر عليها وعلى جنينها في فترة الحمل، مثل قيامها بتناول الكحوليات والمواد المخدرة وكذلك التدخين بشكل دائم ومستمر، لأن هذه الأشياء هي أحد الأسباب الأكثر خطورة.
فهي تؤثر على الجنين وعلى مستوى انتباهه وتركيزه فيما بعد الولادة، كما أن تناول المواد الكحولية والتدخين وتناول المخدرات قد يتسببوا في هبوط أو تضرر بعض الخلايا، مثل الخلايا العصبية للطفل.
كما أن تعرض المرأة الحامل للملوثات البيئية السامة كتنفس بعض الغازات الضارة والسامة بلا شك له أثاره الضارة على الطفل، ويزيد احتمالية إصابته بتشتت الانتباه، ويدخل في ذلك التغذي على الأطعمة الضارة أثناء الحمل التي قد تحتوي على نسبة من الرصاص والزيوت الضارة.
أيضاً الولادة المبكرة للطفل قد تزيد من احتمالية إصابة الطفل لاضطراب تشتت الانتباه، وهذا لعدم اكتمال نمو الطفل.
وتشير بعد الدراسات إلى أن الإصابة بمشكلات في الغدة الدرقية يعد أحد العوامل والأسباب المؤدية للإصابة بتشتت الانتباه.
عوامل خطر
تتعدد عوامل الخطر لإصابة الأشخاص بتشتت الانتباه، ومن هذه العوامل ما يلي:
- إصابة أحد الأقارب كالوالدين أو أحد الأبناء باضطراب تشتت الانتباه، يزيد بشكل كبير من احتمالية إصابة الأبناء من الأجيال الجديدة.
- تعاطي الأم المواد المخدرة والكحوليات خاصةً خلال الأشهر الأولى من فترة الحمل.
- تعرض الأم أثناء فترة الحمل للمواد البيئية السامة، كاستنشاق الغازات وطلاء المباني، أو التعرض لمادة الرصاص.
- التغذية الغير سليمة للأم في فترة الحمل، والتغذية الغير سليمة للطفل في فترة الطفولة المبكرة.
مضاعفات اضطراب تشتت الانتباه
عند إصابة الطفل بتشتت الانتباه لا يتوقف الأمر على ضعف الانتباه فقط، بل تزداد وتتفاقم الأمور إن لم يتم علاجها، فتصبح حياة الطفل المصاب مليئة بالكثير من المشكلات والأزمات النفسية، ومن هذه المشكلات ما يلي:
- عدم القدرة على التحصيل الدراسي، والتهرب دائمًا من القيام بالواجبات المنزلية، ومن ثم الفشل الأكاديمي على الرغم من ارتفاع معدل الذكاء لديهم في كثير من الأحيان.
- النظر إلى النفس بشكل متدني؛ وهذا لأنه غير قادر على القيام بالمهام والأنشطة كبقية الأطفال.
- التعرض للكثير من المشكلات مع الأقران والأصدقاء في المجتمع والبيئة المحيطة، وكذلك الآباء الذين لم يتفهموا إصابته.
- اللجوء إلى القيام ببعض السلوكيات المنحرفة، كتناول المواد الكحولية وإدمان المخدرات ظنا منه أنها حلا لمشكلته.
علاج الإصابة باضطراب تشتت الانتباه للكبار و عند لاطفال
هناك أكثر من طريقة يقوم بها الأطباء المختصون من أجل علاج مرضى اضطراب تشتت الانتباه [4] ومنها ما يلي:
العلاج بالأدوية
وفيه يقوم الطبيب بإعطاء الشخص المريض بعض العقاقير والأدوية التي تعمل على رفع معدل التركيز والانتباه، من أجل تحسين عمل وفاعلية الناقلات العصبية، والتي بدورها تساعد على زيادة الانتباه عند الأطفال.
كذلك وصف أدوية تساهم بشكل كبير في تنشيط المستقبلات الكيميائية، وهذا من خلال إعطاء المريض بعض الأدوية المثبطة.
العلاج السلوكي والتربوي
العلاج الدوائي وحده غير كافي لتحقيق العلاج المتكامل لاضطراب تشتت الانتباه والتخلص منه، لذا يلجأ الطبيب إلى العلاج السلوكي والتربوي.
حيث يقوم الطبيب النفسي بإتباع الأساليب الإيجابية، والتي لها دور فعال في تعديل كافة سلوكيات الطفل السلبية بل وتحويلها إلى سلوكيات إيجابية، ومن خلال هذه السلوكيات الإيجابية يمكنه التعرف على مهارات جديدة بل واكتسابها.
مقالات ذي صلة : عدم الثقة بالنفس وقلة التركيز بسبب الأكتئاب
الوقاية من الإصابة باضطراب تشتت الانتباه
من أجل تقليل الإصابة بحالة اضطراب تشتت الانتباه لابد من اتباع الآتي:
- حماية الأطفال من المواد البيئية السامة والملوثات، مثل الابتعاد عن استنشاق الغازات، وخاصة مادة الرصاص الخطرة.
- يجب على المرأة الحامل تجنب تعاطي المواد المخدرة وكذلك إدمان الكحوليات، هذا إلى جانب ضرورة تجنب التدخين والجلوس مع مدخنين.
- تجنب جلوس الطفل فترات طويلة أمام الكمبيوتر والتلفاز والتابلت، وكافة الأجهزة التكنولوجية التي تؤثر على جهازهم العصبي والعقلي.
في الختام
ندرك بوضوح أن اضطراب تشتت الانتباه يمثل تحديًا كبيرًا يواجه الأفراد في حياتهم اليومية. إن تأثيراته الواسعة تمتد إلى مختلف جوانب الحياة، مؤثرة على الأداء العملي والعلاقات الشخصية.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا