متلازمة أسبرجر هي المرض الذي يطلق عليه التوحد ذات الأداء العالي، وهذا المرض تكون الأعراض الخاصة به أقل حدة من الأعراض والاضطرابات التي تتواجد في أنواع التوحد الأخرى.
في هذا الموضوع سوف نتعرف أكثر على هذه الحالة الطبية، وأهم أعراضها وطرق علاجها.
متلازمة أسبرجر
متلازمة أسبرجر [1] هو مرض يستهدف الأطفال، وخاصة في مراحل عمرهم المبكر، مما يجعلهم لا يتمكنون من التواصل بالمهارات الحركية مقارنة بأقرانهم في نفس أعمارهم، ويظهر عليهم الحالة الملحوظة من الارتباك عند القيام ببعض الأعمال التي تحتاج إلى المهارات في الحركة، أو الحديث.
مقالات ذي صلة : متلازمة انسحاب البنزوديازيبين أعراضها وأهم طرق علاجها
أعراض متلازمة أسبرجر
تبدأ أعراض متلازمة أسبرجر [2] في الظهور في الأوقات المبكرة من حياة الإنسان، فإذا كان لديك طفل مصاب بهذا المرض، لابد أن تلاحظ في الحال أنه لا يتمكن من التواصل بالعين، ويبدو عليه الإحراج الشديد في الكثير من المواقف الاجتماعية، ولا يعرف كيف يعبر عن نفسه، أو كيف يرد عندما يتحدث معه الأخرين.
تؤدي الإصابة بهذه المتلازمة إلى فقد المصاب العلاقات الاجتماعية مع الآخرين بشكل واضح، مثل لغة الجسد، أو التعبيرات التي تظهر على الوجه، كما أنه لا يدرك عندما يعبر له بشخص بتعبير بوجهه، ما معنى هذه التعبيرات، كما أنه يظهر القليل من العواطف تجاه الآخرين، فلا تبدو عليه السعادة، والضحك، والمرح في حالة المذاح، ولا يتكلم بالطريقة العادية، وإنما تكون طريقته مثل طريقة الروبوت.
يظهر على الأطفال الذين يعانون من هذه المتلازمة الحديث بكثرة عن أنفسهم، وغالبا يكون معظم الوقت، ويستمرون في هذا الحديث لفترات طويلة جدا قد تدور عن موضوع واحد فقط، بالإضافة إلى تكرار الكلام نفسه، وخاصة إذا كان هذا الموضوع يعبر عن اهتماماتهم، ويقوم بنفس الحركات، و يكررها.
الطفل المصاب بهذه المتلازمة يكره التغيير، فنجد أنه يتناول نفس الأطعمة في كافة الوجبات، وعندما يتم انتقاله من مكان إلى مكان أخر، مثل الفصل الدراسي، فإنه يعاني من صعوبة لتقبل الوضع. يعاني المريض من القدرة على تكوين الصداقات، وإذا تمكن من تكوين صداقات مع الآخرين، فإنها تصبح صداقات لفترات قصيرة جدا، فمريض متلازمة أسبرجر دائما يعاني من العزلة عن الآخرين، والوحدة لأنه لا يتمكن من اكتساب المهارات الاجتماعية.
يتحدث الطفل المصاب بأعراض متلازمة أسبرجر مع الآخرين دون أن يتمكن من توجيه نظره إليهم بشكل مباشر، و لا يهتم باهتمامات الآخرين وبالأحاسيس التي يشعرون بها، ولا يتمكن من أن يضع نفسه مكان الأخرين، أو يفهم المشاعر التي يحسون بها. يتحدث الطفل بالصوت المرتفع، كما أنه يطيل في عملية النطق لجميع الألفاظ مع اللهجة المتخلفة. ينتبه الطفل إلى أدق التفاصيل والتي لا يكون لها أي أهمية بالنسبة للآخرين، مما يسبب صعوبة كبيرة في فاهمه لما يسمع، أو يقرأ من الأحداث.
هناك عدم تناسق في حركة الطفل عند قيامه بالكتابة، أو الركض، أو الجري، أو المشي، أو اللعب، أو غيرها من الحركات الوظيفية. يميل الطفل إلى المظهر العام الذي يوحي أنه غريب عن المكان فلا يهتم الطفل بالنظافة الشخصية، ولا يرغب في الاستحمام، أو في تغيير الملابس الخاصة به، ولا يحب استخدام أي نوع من الروائح العطرية. نجد الحركة المفرطة التي يتميز بها الطفل الذي يعاني من متلازمة أسبرجر ، وهذا الأمر يسبب له الكثير من الإزعاج الشديد عندما يرى نورا، أو يسمع صوتا، أو يشم رائحة، وهذه الأمور جميعها تبدو من الأمور العادية إلى الأخرين، ولكن بالنسبة له فأن أبسط المسببات تشعره بالقلق.
يعاني هؤلاء الأطفال من صعوبة النوم، ومن الإرهاق الشديد، ولهذا نجد أنهم دائما في صراع نفسي مستمر. يعاني الأطفال من المشاكل السلوكية، والتي يكون من أشهرها العنف، ويتميزون بالانفعالات السريعة، والعناد، بالإضافة إلى المعاناة من الأمراض النفسية، والعصبية الأخرى التي تصاحب هذا المرض، ومن أمثلتها الوسواس القهري، أو الاكتئاب. بعض الأطفال المصابين بهذا المرض يكون تركيزهم قليل، ولديهم تشتت في الانتباه، بالإضافة إلى الحركة الزائدة، وجميع هذه الأعراض التي تصاحب المرض تضاعف من المشكلة، وتسبب الكثير من المتاعب إلى الطفل، بالإضافة إلى أن العنف الزائد يجعله ينعزل بشكل أكبر، وتصبح المشكلة اجتماعية، وشخصية في نفس الوقت.
يشعر هؤلاء الأطفال بالتوتر، والقلق، ولهذا نجدهم يكونوا كثيرا التململ، ويهتزون بشكل غير تلقائي طبيعي، والجسم لا يهدأ عن الحركة، فنجد حركاتهم اللاإرادية لا تنتهي خلال تواجدهم مع الآخرين.
علاج متلازمة أسبرجر
يختلف الأطفال عن بعضهم البعض في طرق العلاج التي تتناسب معهم، فلا توجد الطريقة التي تناسب جميع الأطفال، ويحتاج الطبيب إلى تجربة بعض الأنواع من العلاج، حتى يتم العثور على العلاج الناجح،
يمكن أن يشتمل علاج متلازمة أسبرجر [3] على بعض النقاط الهامة، والتي منها:
التدريب على المهارات الاجتماعية
يقوم الطبيب بتدريب الأطفال على المهارات الاجتماعية من خلال جلسات فردية، أو جلسات في مجموعات، و يتعلم الطفل من الطبيب كيف يمكنه أن يتفاعل مع الأطفال الآخرين، وكيف يمكنه أن يعبر عن نفسه بالطرق الأكثر ملاءمة، وغالبا ما تكون هذه الطريقة ناجحة في تعلم الطفل المهارات الاجتماعية.
علاج لغة الكلام
هذا النوع من العلاج يساهم بشكل كبير في تحسين المهارات الخاصة بالتواصل مع الأخرين، والطفل يتعلم من خلال هذه الطريقة كيف يستخدم النطق بالكلام العادي، عندما يتحدث مع الآخرين، بدلا من استخدام اللهجة الصحية، وطريقة الروبوت، ويحصل على الدروس التي تفيد في كيفية متابعة حديث مع الآخرين، وكيف يفهم الأساليب الاجتماعية التي يتبعها الأخرين، مثل لغة الإيماء، أو لغة الجسد، أو لغة التواصل من خلال العين، أو اليد.
العلاج السلوكي المعرفي
هذا النوع من العلاج يساعد الأطفال على تغيير الطريقة التي يفكرون من خلالها، حيث يتمكن الطبيب المعالج من التحكم بشكل أفضل في العواطف، والسلوكيات التي يكرهها دون داعي، ويصبح قادر على التحكم في الكثير من الاشياء، مثل الهوس، أو الانهيارات، أو الهياج، أو غيرها من الأمور التي تزيد من حدة المرض.
تعلم الوالدين وتدريبهم
الوالدين عندما يتم تدريبهم، وتعليمهم بعض السلوكيات، فانهم يكتسبون نفس التقنيات التي يتم اكسابها للأطفال، حتى يتمكن الوالدين من التعامل مع الأطفال المصابون بمرض متلازمة أسبرجر، وترسيخ المهارات الاجتماعية داخل المنزل، وترى بعض الوالدين يعتبر المستشار في مساعدة طفلك على التعامل مع التحديات التي يعيشها هذا الطفل المصاب.
تحليل السلوك التطبيقي
تعتبر من أفضل التقنيات التي تشجع الأطفال على تحسين المهارات الخاصة بالتواصل الاجتماعي الإيجابي، ولا تشجع السلوكيات التي لا نراها مفيدة للطفل، والتي تساعد على تفاقم المرض عند الطفل، ويستخدم الطبيب المختص في هذه الحالة الأساليب الخاصة بالتعزيز الإيجابي، ومدح الأطفال، حتى يحصل على أفضل النتائج.
الأدوية
لا يوجد هناك أي نوع من الأدوية التي يمكن الاعتماد عليها من قبل إدارة الأغذية والعقاقير التي تخصصت في علاج الاضطرابات الخاصة بمتلازمه أسبرجر، والتي يسميها البعض من المختصين أمراض التوحد، ولكن هناك بعض الأدوية التي لها صلة ويمكن أن نعتمد عليها، مثل أدوية القلق، أو الاكتئاب، و يصفها الطبيب والتي منها الأدوية المضادة للذهان، والأدوية المنشطة، و مثبطات امتصاص السيروتونين، والتي أثبتت الكثير من الفاعلية في علاج المرض لدى الأطفال.
العلاج السلوكي
يعد العلاج السلوكي هو العلاج الفعال لمرض متلازمة أسبرجر وتكون فاعليته أكثر من العلاج الدوائي، ويرجع هذا الأمر إلى أن العلاج الدوائي قد يسبب بعض التداخلات التي تؤدي إلى سوء حالة المريض، أما العلاج السلوكي فإنه نتعامل من خلاله مع الطفل المصاب حاله فردية، أو جماعية، ونركز على حالة معينة في التعامل معهم، ويقوم بهدف الوصول إلى مهارات التواصل الاجتماعي مع أفراد المجتمع الأسرة، أو المدرسة، أو غيره، ويسجل هذا النوع من العلاج الكثير من حالات التحسن عند الأطفال المصابين، ولكنه من ضمن عيوبه أنه يحتاج إلى فترات طويلة من الوقت حتى نصل إلى النتائج الناجحة.
نجد أن متلازمة أسبرجر تشكل تحديًا فريدًا يواجه الأفراد والمجتمعات. إن تأثيراتها على السلوك والتفاعل الاجتماعي تبرز الحاجة إلى فهم أعمق وتقديم الدعم اللازم للأفراد المتأثرين بها.
لضمان تحسين جودة حياة الأفراد ذوي متلازمة أسبرجر، يتعين علينا أن نعزز الوعي ونشجع على تقديم الدعم النفسي لهؤلاء المرضى. يتوجب علينا أن نعمل على فتح الحوار حول متلازمة أسبرجر، محاربة التحيز، وتشجيع المجتمعات على التكامل والتقبل.
مع استمرار التقدم في البحث العلمي والتطور في مجال التدخل والتأهيل، يمكن توفير فرص أفضل للأفراد المتأثرين بمتلازمة أسبرجر لتحقيق إمكانياتهم الكاملة. يتعين علينا كمجتمع أن نعمل معًا لخلق بيئة ملهمة وداعمة تتيح للأفراد ذوي متلازمة أسبرجر الازدهار والمساهمة الإيجابية في المجتمع بما يتناسب مع قدراتهم الفريدة.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا