متلازمة وهم كوتار[1] هي واحدة من أشكال الاضطراب النفسي أو الأمراض النفسية المختلفة، والتي هي غير منتشرة وغير شائعة، فالمريض المصاب بها يعاني بشكل واضح من الأوهام والهلاوس والاعتقادات الخاطئة حول أنه قد فقد جزء من جسمه أو أحد أعضائه بالفعل، هذا بالإضافة إلى كون المريض دائما على يقين تام بذلك.
متلازمة وهم كوتار
لا يقتصر الأمر على هذا فقط، بل قد يصل الأمر في بعض الحالات إلى اعتقاد المريض أنه ميت أو غير موجود إما بصورة جزئية أو كلية، أو اعتقاده أنه يعاني من أمراض مثل التعفن أو فقدان الدم مثلا، وفي حالات أخرى أكثر صعوبة يعتقد فيها المصاب أنه خالد للأبد.
ولذلك يسمى هذا المرض باسم متلازمة الجثمان السائر أو الجثة المتحركة، ذلك بالإضافة إلى اسمها المعروف وهو متلازمة وهم كوتار cotard delusion.
يصيب هذا المرض الأشخاص الذين يعانون من صحة نفسية غير سليمة، أو يكون مصاحباً لأمراض نفسية أخرى مثل مرض اضطراب ثنائي القطب، والصدمات النفسية والجسدية التي قد تكون ناتجة عن الحوادث والكوارث.
السبب في تسمية مرض متلازمة وهم كوتار بهذا الاسم
وقد تمت تسمية هذه المتلازمة بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب المختص في أمراض الجهاز العصبية والذي هو فرنسي الجنسية “جول كوتار”؛ ذلك لأنه هو أول من أكتشف هذا المرض، فقد كان يقوم بدراسة حالة لسيدة كانت على اعتقاد تام بوجود لعنة ما تحيط بها وتستهدفها.
فهي تنكر تماما وجود العديد من أجزاء جسدها، وتعتقد بشدة أنها فقدتها، وقد توفت في النهاية بسبب الجوع؛ وذلك لأنها كانت ترفض بشدة تناول الطعام بسبب اعتقادها أنها لا تحتاج له لأنها تصدق بأنها بالفعل ميتة.
وقد صرح الطبيب بأن هذه المتلازمة مختلفة الشدة، فقد تكون شديدة جدا عند بعض الأشخاص أو متوسطة عند البعض الآخر أو خفيفة نوعا ما، وتأتي هذه المتلازمة مصاحبة لنوع من إنكار الذات وكره النفس، وأمراض الاكتئاب الشديد ووجود العديد من الأوهام.
الأعراض التي تظهر على المريض المصاب بمتلازمة وهم كوتار
الأعراض التي تظهر على المريض المصاب بمتلازمة وهم كوتار[2] تتمثل في:
- عدم إمكانية المريض من أن يتعرف على وجهه وأعضاء جسده المختلفة.
- وجود شعور بالخوف الشديد والدائم، والذي في العادة ما يكون غير مبرر أو معروف السبب.
- إهمال الصحة والسلامة والخوف على حياتهم.
- عدم الحفاظ على نظافتهم الشخصية؛ لاعتقادهم أنهم ميتون بالفعل.
- النفور والبعد عن أي نشاطات وتجمعات اجتماعية، والميل إلي العزلة والوحدة دائما.
- عدم وجود أي إدراك بالواقع سواء كان ذلك بشكل جزئي أو كلي.
المراحل التي يمر بها مريض متلازمة وهم كوتار
يوجد لهذا المرض مراحل ثلاثة مختلفة فيما بينها والتي تتمثل في:
المرحلة الأولى من مراحل مرض متلازمة وهم كوتار هي التي تدعى Germination stage: وهي المرحلة التي يظهر فيها على المريض أعراض واضحة جدا ومعروفة للاكتئاب والحزن الشديد، والاضطراب والقلق الشديد، والرهبة والخوف الشديدين من أي احتمالية للإصابة بأي مرض كان.
أما المرحلة الثانية من مراحل مرض متلازمة وهم كوتار هي مرحلة Blooming stage: وهي التي تظهر فيها على المريض أعراض حقيقة وواضحة لتوهمه أنه ميت بالفعل، أو أنه قد فقد أحد أعضاء جسده، أو أنه يتمتع بالخلود والدوام الأبدي، كما أنه من الأعراض الواضحة جدا والمصاحبة لهذه المرحلة الإحساس بالسلبية والتوتر والقلق.
أما المرحلة الثالثة من مرحل هذا المرض فهي مرحلة Chronic stage: وهي المرحلة الأخيرة، والتي يكون فيها المريض يعاني من أقصى درجات الاكتئاب الحاد ووجود اضطرابات واضحة جدا في مشاعرة وعواطفه، ووجود إحساس جنون العظمة لديه.
أسباب مرض متلازمة توهم كوتار
ترجع الأسباب في مرض متلازمة توهم كوتار في الواقع إلى أسباب غير معروفة أو مؤكدة، فلم يتم التوصل إلى أسباب واضحة أو صريحة لهذا المرض حتى الآن، في حين أن بعض الدراسات ترى أن السبب في مرض متلازمة وهم كوتار قد يكون له أساس طبي ناتج عن خلل ما في المنطقة الأمامية من النصف الأيمن من مخ الإنسان.
وهو ما يشيع بشدة بين الأشخاص المتقدمين في السن والذين يعانون بشكل واضح من أمراض نفسية واضطرابات مزاجية، وحالات اكتئاب وانفصام في الشخصية، وأمراض مثل مرض ثنائي القطب أو الخرف.
علاج مرض متلازمة توهم كوتار
في العادة يأتي مرض متلازمة وهم كوتار مصاحبا لأمراض أخرى نفسية مختلفة، تتمثل في أمراض أمثال الاكتئاب والهوس ومرض ثنائي القطب وغيرهم من الأمراض النفسية الأخرى، لذلك فإنه يجب لعلاجه علاج هذه الأمراض النفسية الأخرى التي تكون مصاحبة له.
وعموما قد تم التوصل في الآونة الأخيرة إلى أن استخدام العلاج بالتخليق الكهربائي قد يساعد بشكل ملحوظ في تحسن وعلاج الحالات المصابة بمرض متلازمة وهم كوتار، ولكن هذا لا يمنع أبدا وجود أي أثار جانبية ومخاطر محتملة لهذه الطريقة في العلاج.
أما الأعراض الجانبية لهذه الطريقة فتتمثل أهمها في فقدان الذاكرة بصورة مؤقتة للمريض، ولهذا فإنه من الأفضل ترك هذه الطريقة وعدم اللجوء إليها إلا في أضيق الحدود، والاقتصار على استخدام أي من الطرق العلاجية الأخرى والتي تتمثل معظمها في:
- استخدام الأدوية والعقاقير الطبية الخاصة بعلاج مرض الاكتئاب، وما يعرف بمضادات الذهان والتي لها دور كبير في المساعدة نسبيا في تحسن حالة ووضع المريض.
- استخدام ما يعرف بالعلاج السلوكي، والذي هو مهم جدا في علاج العديد من الأمراض النفسية المختلفة وليس هذا المرض فقط.
- استخدام العلاج النفسي، فلا تتردد أبدا في الرجوع إلى الطبيب الخاص مرارا وتكرارا حتى تتحسن حالة المريض شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى حالة الشفاء التام.
التعايش مع مرض متلازمة وهم كوتار
في الواقع إن مرض متلازمة وهم كوتار يحدث بشكل قليل ونادر، ولكنه في الواقع يتسبب في حدوث عقبات وعوائق خطيرة، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه يصعب تشخيص هذا المرض وعلاجه بسهولة.
وفي العادة فإن معظم الحالات تقوم بالاستجابة للطرق العلاجية المختلفة، والتي تتمثل في الجلسات العلاجية المختلفة والأدوية والعقاقير المعالجة، أو الخلط بين كليهما وذلك في المراحل التي تسبق اكتشاف الطريقة التي تناسب علاج كل حالة.
أما في حال لم يتم التوصل إلى طرق العلاج المناسبة من بين الطرق السابقة فإنه يصعب التعايش مع هذا المرض بالفعل، ويجب البحث في أقرب وقت ممكن عن أفضل طريقة للعلاج، لذلك يجب الاستمرار في زيارة الطبيب وتجربة العلاجات المختلفة، بما في ذلك طرق العلاج بالصدمات الكهربية وغيرها، والذي هو من الواضح أنه من أكثر الطرق العلاجية الفعالة اكتشافا حتى الأن.
في النهاية إن الأمراض النفسية عديدة ومختلفة ومتنوعة، وترجع إلى أسباب مختلفة ومتعددة، منها الأسباب الطبية وغيرها الاجتماعية، ومنها ما ينتج عن تأثيرات كيميائية ناتجة عن أدوية مخصصة لعلاج أمراض نفسية أخرى.
لذلك وجب التنويه إلى أهمية الحرص عند استخدام الأدوية التي تعالج الأمراض النفسية، والتقصي عن الأثار الجانبية للأدوية، وتكرار مراجعة الطبيب بشكل دوري خاصة في حال ظهور أي عرض جديد على المريض المتعاطي لهذه الأدوية.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا