اضطراب التعلق التفاعلي (Reactive Attachment Disorder – RAD) هو اضطراب نفسي يحدث في مرحلة الطفولة، هذا الاضطراب نادر نسبيًا، ولكنه يمكن أن يكون له تأثيرات بعيدة المدى على حياة الطفل إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. في هذا المقال سوف نتعرف على هذا الاضطراب، وأسبابه، وطرق علاجه.
تعريف اضطراب التعلق التفاعلي
اضطراب التعلق التفاعلي [1] هو حالة نفسية تظهر عند الأطفال الذين لم يتلقوا الرعاية الكافية، خاصة في سنواتهم الأولى من الحياة. يتجلى هذا الاضطراب في صعوبة تكوين علاقات عاطفية طبيعية مع مقدمي الرعاية أو الأشخاص الآخرين في حياة الطفل. الطفل المصاب بهذا الاضطراب قد يكون غير قادر على إظهار العاطفة أو الثقة بالآخرين، مما يؤثر بشكل كبير على تطوره الاجتماعي والنفسي.
أسباب اضطراب التعلق التفاعلي
الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب التعلق التفاعلي[2] متعددة ومعقدة، وغالبًا ما ترتبط بظروف قاسية عاشها الطفل في سنواته الأولى.
يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية كما يلي:
- الإهمال العاطفي
- التعرض للعنف أو الإساءة
- التغيير المستمر في مقدمي الرعاية
- العزلة الاجتماعية
- التجارب الصادمة في الطفولة المبكرة
أعراض اضطراب التعلق التفاعلي
أعراض اضطراب التعلق التفاعلي تختلف من طفل لآخر، ولكن هناك بعض العلامات المشتركة التي قد تشير إلى وجود هذا الاضطراب:
- الصعوبة في تكوين علاقات اجتماعية: الطفل المصاب باضطراب التعلق التفاعلي يجد صعوبة في تكوين علاقات اجتماعية طبيعية. قد يكون غير قادر على التفاعل مع الآخرين بشكل طبيعي، وقد يتجنب التواصل البصري أو العاطفي.
- عدم الاستجابة للعواطف: الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب قد يظهرون قلة في التعبير عن العواطف. قد يكونون غير قادرين على إظهار الحزن أو الفرح أو حتى الغضب بشكل طبيعي.
- سلوكيات غير متوقعة: بعض الأطفال قد يظهرون سلوكيات عدوانية أو عنيفة تجاه الآخرين، بينما قد يظهر آخرون سلوكيات انسحابية ويبتعدون عن التفاعل الاجتماعي.
- رفض الراحة من الآخرين: الأطفال المصابون باضطراب التعلق التفاعلي قد يرفضون الراحة من الآخرين عندما يكونون مضطربين أو حزينين. هذا يشير إلى صعوبة في الثقة بمقدمي الرعاية والاعتماد عليهم.
- القلق والانزعاج: الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب قد يظهرون مستويات عالية من القلق والانزعاج، خاصة في المواقف الاجتماعية أو عندما يتعرضون للتغيير.
- نقص الثقة بالنفس: الطفل المصاب باضطراب التعلق التفاعلي قد يعاني من نقص كبير في الثقة بالنفس، مما يؤثر على قدرته على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية أو المدرسة.
تشخيص اضطراب التعلق التفاعلي
تشخيص اضطراب التعلق التفاعلي يتطلب تقييمًا دقيقًا من قبل متخصصين في الصحة النفسية، مثل الأطباء النفسيين أو الأخصائيين النفسيين. يعتمد التشخيص على مراقبة سلوك الطفل وتاريخه الطبي والنفسي. يتم تقييم السجل الطبي والاجتماعي للطفل لفهم الظروف التي عاش فيها خلال سنواته الأولى، بما في ذلك معرفة ما إذا كان الطفل قد تعرض للإهمال، الإساءة، أو العيش في بيئة غير مستقرة.
كما يراقب الأطباء سلوك الطفل في مواقف مختلفة، بما في ذلك تفاعلاته مع والديه أو مقدمي الرعاية، وأيضًا تفاعلاته مع الأطفال الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، تُجرى مقابلات مع والدي الطفل أو مقدمي الرعاية للحصول على فهم أعمق لطريقة تعامل الطفل مع العواطف والعلاقات الاجتماعية. قد يستخدم الأطباء أيضًا اختبارات نفسية لتقييم الحالة العاطفية والعقلية للطفل، مثل اختبارات القلق والاكتئاب.
مقال ذي صلة: اضطراب السيطرة على الدوافع: مفهومه وأعراضه
علاج اضطراب التعلق التفاعلي
علاج اضطراب التعلق التفاعلي[3] يعتمد على تحسين العلاقة بين الطفل ومقدمي الرعاية، وتعزيز شعور الطفل بالأمان والثقة. يمكن أن يشمل العلاج عدة طرق، منها:
- العلاج النفسي: يعتبر العلاج النفسي من أكثر الطرق فعالية في علاج اضطراب التعلق التفاعلي. من خلال العلاج الفردي أو العلاج العائلي، يتم مساعدة الطفل على تطوير مهارات التعلق وتحسين التواصل العاطفي مع الآخرين.
- العلاج باللعب: العلاج باللعب يساعد الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم من خلال اللعب. هذا النوع من العلاج يمكن أن يساعد الأطفال على فهم مشاعرهم وتعلم كيفية التعامل معها بشكل صحي.
- التدريب على العلاقات: هذا النوع من العلاج يركز على تحسين العلاقة بين الطفل ومقدمي الرعاية من خلال تعزيز الثقة والتفاعل الإيجابي. يتم تعليم مقدمي الرعاية كيفية الاستجابة لاحتياجات الطفل العاطفية بشكل فعال.
- التدخلات الأسرية: في بعض الحالات، قد يكون من الضروري تقديم تدخلات أسرية لتحسين ديناميكيات الأسرة وتعزيز بيئة صحية تدعم تطور الطفل العاطفي.
- التدخلات المدرسية: الأطفال الذين يعانون من اضطراب التعلق التفاعلي قد يحتاجون إلى دعم إضافي في المدرسة. هذا يمكن أن يشمل توفير بيئة تعليمية داعمة تتيح لهم تطوير مهارات اجتماعية وتعليمية.
- العلاج الدوائي: في بعض الحالات، قد يتم استخدام الأدوية لعلاج الأعراض المرتبطة باضطراب التعلق التفاعلي، مثل القلق أو الاكتئاب. ومع ذلك، يجب أن يتم ذلك تحت إشراف طبيب مختص.
تأثيرات اضطراب التعلق التفاعلي على الحياة المستقبلية
إذا لم يُعالج اضطراب التعلق التفاعلي بشكل صحيح، فقد تكون له تأثيرات طويلة الأمد على حياة الفرد. من بين هذه التأثيرات، قد يواجه الأطفال الذين لم يتلقوا العلاج صعوبات في إقامة علاقات اجتماعية صحية ومستقرة في المستقبل، حيث قد يعانون من مشاكل في الثقة والتواصل مع الآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي عدم علاج هذا الاضطراب إلى تطور مشاكل نفسية أخرى مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية.
قد يؤثر الاضطراب أيضًا على الأداء الأكاديمي، حيث قد يجد الأطفال صعوبة في التركيز والتفاعل في البيئة المدرسية، مما ينعكس سلبًا على أدائهم الدراسي. وعندما يكبر هؤلاء الأطفال، قد يواجهون صعوبات في الاحتفاظ بوظائف مستقرة بسبب مشاكل في التكيف مع بيئات العمل والعلاقات المهنية.
كما يمكن أن يؤثر اضطراب التعلق التفاعلي على قدرة الفرد على إقامة حياة أسرية مستقرة، مما قد يؤدي إلى صعوبات في الزواج وتربية الأطفال.
في الختام
اضطراب التعلق التفاعلي هو اضطراب نفسي خطير يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حياة الأطفال إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. فهم الأسباب والأعراض المرتبطة بهذا الاضطراب يمكن أن يساعد في توفير الرعاية والعلاج المناسبين للأطفال المصابين، مما يمكنهم من تطوير علاقات عاطفية صحية وتحقيق حياة مليئة بالنجاح والاستقرار.
يجب على الأهل ومقدمي الرعاية أن يكونوا على دراية بهذا الاضطراب وأن يسعوا للحصول على المساعدة المتخصصة إذا كانوا يشتبهون في أن طفلهم قد يعاني من اضطراب التعلق التفاعلي. الوقاية والتدخل المبكر هما المفتاح لضمان مستقبل أفضل للأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا