هل سبق لك أن تعاملت مع شخص يبدو دائمًا مهتمًا بنفسه بشكل مفرط؟ قد يكون هذا الشخص مصابًا باضطراب الشخصية النرجسية. اضطراب الشخصية النرجسية هو حالة نفسية تتميز بنمط ثابت من العظمة، والحاجة الماسة للإعجاب، ونقص التعاطف مع الآخرين. فهم هذا الاضطراب مهم للغاية لأنه يؤثر بشكل كبير على العلاقات الشخصية والمهنية.
في هذا المقال سوف نتعرف أكثر على هذا الاضطراب من ناحية الأعراض، الأسباب والعلاج.
تعريف اضطراب الشخصية النرجسية
اضطراب الشخصية النرجسية[1] هو نوع من اضطرابات الشخصية يتميز بنمط دائم من العظمة (في الخيال أو في السلوك الفعلي)، الحاجة الماسة للإعجاب، والافتقار إلى التعاطف مع الآخرين. يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب أن يظهروا ثقة مفرطة في النفس، وتوقعات غير واقعية للمعاملة الخاصة، وصعوبة في الحفاظ على علاقات صحية.
الخصائص الرئيسية لاضطراب الشخصية النرجسية
اضطراب الشخصية النرجسية يتسم بعدة خصائص رئيسية منها[2]:
- شعور مفرط بالعظمة وأهمية الذات
- الحاجة المستمرة للإعجاب والانتباه
- استغلال العلاقات لتحقيق المصالح الشخصية
- نقص في التعاطف مع الآخرين
مقال ذي صلة: أهمية علاج اضطراب الشخصية الانطوائية
أسباب اضطراب الشخصية النرجسية
فيما يلي أهم أسباب اضطراب الشخصية النرجسية[3]:
-
العوامل الوراثية
تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في تطوير اضطراب الشخصية النرجسية. الأبحاث تشير إلى أن هناك روابط جينية قد تزيد من احتمال الإصابة بهذا الاضطراب.
-
التأثيرات البيئية
التأثيرات البيئية مثل نمط التربية والتجارب الطفولية يمكن أن تساهم في تطوير الصفات النرجسية. الأطفال الذين يتلقون اهتمامًا مفرطًا أو إهمالًا شديدًا قد يكونون أكثر عرضة للإصابة.
-
التجارب الطفولية
التجارب الطفولية المؤلمة أو الصادمة، مثل سوء المعاملة أو الإهمال، يمكن أن تكون من العوامل المساهمة في تطوير هذا الاضطراب.
تأثير اضطراب الشخصية النرجسية على العلاقات
يُعد اضطراب الشخصية النرجسية تحديًا كبيرًا يؤثر سلبًا على العلاقات الشخصية والمهنية، وذلك بسبب مجموعة من السمات والأنماط السلوكية التي يتميز بها الشخص النرجسي.
فيما يلي بعض التأثيرات الرئيسية لاضطراب الشخصية النرجسية على العلاقات:
عدم الاستقرار العاطفي:
- الحاجة المفرطة للإعجاب والتقدير: يتطلب الشخص النرجسي إعجابًا مستمرًا وتأكيدًا على أهميته، مما يجعل العلاقات غير متوازنة وتدور حوله فقط.
- التقلبات المزاجية: يمكن أن يتحول مزاج الشخص النرجسي بسرعة بين الغضب والعداء إلى السعادة والرضا، مما يجعل من الصعب على الآخرين التنبؤ بتصرفاته أو فهم مشاعره.
- عدم التعاطف: يفتقر الشخص النرجسي إلى القدرة على فهم مشاعر الآخرين واحتياجاتهم، مما يؤدي إلى صعوبة في بناء علاقات عميقة وحقيقية.
السيطرة والتلاعب:
- الاستغلال العاطفي: يستخدم الشخص النرجسي الآخرين لتحقيق أهدافه الخاصة، وقد يلجأ إلى التلاعب العاطفي للحصول على ما يريد.
- الشعور بالاستحقاق: يشعر الشخص النرجسي بأنه يستحق معاملة خاصة وامتيازات، وقد يتجاهل حقوق واحتياجات الآخرين.
- عدم احترام الحدود: يتعدى الشخص النرجسي على حدود الآخرين الشخصية والعاطفية، وقد يتدخل في شؤونهم الخاصة دون إذن.
صعوبة التواصل:
- الغرور والتعالي: يرى الشخص النرجسي نفسه أفضل من الآخرين، وقد يتجاهل أو يقلل من شأن آرائهم ومشاعرهم.
- عدم القدرة على الاعتراف بالأخطاء: يجد الشخص النرجسي صعوبة في الاعتراف بأخطائه أو تحمل المسؤولية عن أفعاله، مما يجعل من الصعب حل النزاعات وبناء الثقة في العلاقات.
- الانتقاد والتجريح: يلجأ الشخص النرجسي إلى انتقاد الآخرين وتجريحهم لتعزيز صورته الذاتية والتقليل من شأنهم.
التأثير على الثقة بالنفس:
- الشعور بعدم الأمان: قد يشعر الشريك أو الصديق للشخص النرجسي بعدم الأمان وعدم الثقة في العلاقة، بسبب السلوكيات المتقلبة وعدم التقدير.
- تدني احترام الذات: يمكن أن يؤدي التعامل مع الشخص النرجسي إلى تدني احترام الذات لدى الآخرين، بسبب الانتقادات المستمرة والتلاعب العاطفي.
- العزلة الاجتماعية: قد يتجنب الآخرون التعامل مع الشخص النرجسي بسبب سلوكياته السلبية، مما يؤدي إلى عزلة اجتماعية للشخص النرجسي نفسه.
تأثير على الصحة النفسية:
- الاكتئاب والقلق: يمكن أن يعاني الشريك أو الصديق للشخص النرجسي من الاكتئاب والقلق بسبب الضغط النفسي والعاطفي الذي يتعرض له في العلاقة.
- صدمة نفسية: قد يعاني البعض من صدمة نفسية نتيجة التعامل مع الشخص النرجسي، خاصة إذا تعرضوا للإساءة العاطفية أو التلاعب.
كيفية التعامل مع شخص نرجسي
التعامل مع الشخص النرجسي ليس بالأمر الهين، فهو تحدٍ حقيقي يتطلب صبرًا وفهمًا عميقين. قد يبدو الأمر شاقًا، لكنه ليس مستحيلًا. إليك بعض النصائح التي قد تساعدك في التعامل مع هذا النوع من الشخصيات:
أولًا وقبل كل شيء، عليك أن تفهم طبيعة هذا الاضطراب. اقرأ وتعلم عن اضطراب الشخصية النرجسية لتستوعب دوافع وسلوكيات هذا الشخص بشكل أفضل. تذكر دائمًا أن سلوكه ليس انعكاسًا لقيمتك الذاتية، بل هو نتيجة لاضطرابه النفسي. لا تحاول تغييره، بل ركز على تغيير طريقة تعاملك معه.
ثانيًا، ضع حدودًا واضحة وثابتة. لا تخشى أن تقول “لا” وأن تحدد بوضوح ما تقبله وما لا تقبله في العلاقة. لا تتهاون مع أي نوع من الإساءة، سواء كانت لفظية أو عاطفية أو جسدية. حافظ على مساحتك الشخصية ولا تسمح له بالتدخل في شؤونك الخاصة أو التحكم في حياتك.
ثالثًا، احرص على التواصل الفعال. عبر عن احتياجاتك ومشاعرك بوضوح وبشكل مباشر، وتجنب الدخول في جدال معه، فهم يميلون إلى تحريف الحقائق وتجاهل مشاعرك. استخدم عبارات “أنا” بدلًا من لوم أو اتهام الشخص النرجسي.
رابعًا، حافظ على صحتك النفسية. اعتنِ بنفسك وخصص وقتًا للاسترخاء والقيام بالأشياء التي تستمتع بها. ابحث عن الدعم من صديق موثوق به أو أحد أفراد العائلة أو معالج نفسي. لا تتردد في الابتعاد أو إنهاء العلاقة إذا كانت تؤثر سلبًا على صحتك النفسية.
أخيرًا، إذا كنت تجد صعوبة في التعامل مع الشخص النرجسي، لا تتردد في طلب المساعدة المتخصصة. يمكن لمعالج نفسي متخصص في اضطرابات الشخصية أن يقدم لك الدعم والتوجيه اللازمين للتعامل مع الموقف بشكل صحي.
علاج اضطراب الشخصية النرجسية
يعتبر علاج اضطراب الشخصية النرجسية[4] تحديًا، ولكنه ليس مستحيلًا. يعتمد العلاج بشكل أساسي على العلاج النفسي، ولا يوجد دواء محدد لهذا الاضطراب، ولكن قد يصف الطبيب بعض الأدوية لعلاج الأعراض المصاحبة مثل الاكتئاب والقلق.
فيما يلي أهم طرق العلاج النفسي لاضطراب الشخصية النرجسية
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد هذا النوع من العلاج الشخص النرجسي على تحديد وتغيير أنماط التفكير والسلوكيات السلبية.
- العلاج الديناميكي النفسي: يركز هذا العلاج على استكشاف جذور المشكلة في الطفولة وكيفية تأثيرها على العلاقات الحالية.
- العلاج الأسري أو الزوجي: يمكن أن يكون هذا النوع من العلاج مفيدًا في تحسين التواصل وحل المشكلات في العلاقات الشخصية.
الخاتمة
اضطراب الشخصية النرجسية هو حالة معقدة تتطلب فهمًا عميقًا وصبرًا في التعامل معها. من المهم البحث عن المساعدة المهنية إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك يعاني من هذا الاضطراب. العلاج النفسي والدعم الاجتماعي يمكن أن يحدثا فرقًا كبيرًا في حياة الشخص المصاب.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا