عتمة الليل تشكل حجاباً غامضاً يختبيء خلفها الكثير من الأمور، ومنها ينبثق ذلك الواقع الصامت الذي يعاني منه العديد من الأفراد: الاكتئاب الليلي. إنه حالة نفسية معقدة تستنزف مشاعر السعادة والهناء من الشخص المتأثر بها في ساعات الليل، حين تكون الكلمات قليلة والأفكار مترامية والوحدة تعزف سيمفونيتها الكئيبة.
في هذه المقالة اليوم سوف نتعرف أكثر على الاكتئاب الليلي من المفهوم إلى الأعراض والأسباب ثم إلى العلاج.
مفهوم الاكتئاب الليلي
يعتبر الاكتئاب الليلي[1] شكلًا من أشكال اضطرابات المزاج، وهو يختلف عن الاكتئاب النهاري الذي يعاني منه الأشخاص أثناء ساعات النهار في العادة، يتجلى الاكتئاب الليلي عبر تجربة الشخص لصعوبة في النوم أو استيقاظ متكرر خلال الليل مصحوباً بمشاعر الحزن والقلق وعدم الراحة البدنية والعاطفية يمكن أن يؤدي هذا النمط المتكرر من عدم النوم إلى تفاقم الأعراض الاكتئابية وتأثيرها على الحياة اليومية للشخص المتأثر.
أعراض الاكتئاب الليلي
أعراض الاكتئاب الليلي[2] تشمل:
1. صعوبة في النوم: قد يصعب على الشخص المصاب بالاكتئاب النوم بشكل جيد قد يعاني من الأرق، أو يستيقظ في وقت مبكر صباحًا ويجد صعوبة في العودة للنوم.
2. الأفكار السلبية المتكررة: يمكن أن يصاحب الاكتئاب تفكيرًا سلبيًا ومتكررًا، حيث يشعر الشخص بالحزن العميق واليأس وينجذب للأفكار السلبية بشكل متكرر.
3. الشعور بالقلق والتوتر: قد يعاني المصاب بالاكتئاب من شعور مستمر بالقلق والتوتر، حيث يشعر بعدم الراحة والاضطراب العاطفي خاصةً أثناء الليل.
4. فقدان الاهتمام والمتعة: يعد فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت سابقًا تجلب المتعة من أعراض الاكتئاب قد يفقد الشخص الاهتمام بالهوايات والنشاطات الاجتماعية التي كان يستمتع بها في الماضي.
5. الشعور بالتعب والانعدام الحركي: قد يشعر المصاب بالاكتئاب بالتعب المستمر والانعدام الحركي، حيث يصعب عليه القيام بالأنشطة اليومية والحفاظ على مستوى النشاط البدني المعتاد.
6. الشهية المتغيرة: قد يعاني الشخص المصاب بالاكتئاب من تغيرات في الشهية، حيث يمكن أن يزيد الشهية والرغبة في تناول الطعام أو ينخفض الشهية والرغبة في الطعام.
7. الانعزال الاجتماعي: قد يميل المصاب بالاكتئاب إلى الانعزال الاجتماعي وتجنب الأنشطة الاجتماعية يمكن أن يشعر بعدم الرغبة في التواصل مع الآخرين والانخراط في الأنشطة الاجتماعية.
8. انخفاض المزاج: قد يصاحب الاكتئاب انخفاضًا مستمرًا في المزاج، حيث يشعر الشخص بالحزن العميق والاكتئاب دون سبب واضح.
9. الشعور بالذنب والقيمة الذاتية المنخفضة: قد يعاني المصاب بالاكتئاب من شعور مستمر بالذنب والشعور بعدم القيمة الذاتية. قد يشعر بأنه لا يستحق السعادة والنجاح ويعاني من انخفاض تقدير الذات.
10. صعوبة التركيز والانتباه: يمكن أن يؤثر الاكتئاب الليلي على قدرة الشخص على التركيز والانتباه قد يصعب عليه إكمال المهام اليومية أو التفكير بوضوح.
12. الاضطرابات الجسدية: قد يعاني المصاب بالاكتئاب من اضطرابات جسدية مثل الصداع المستمر، آلام البطن، أو مشاكل الجهاز الهضمي بدون سبب طبي معروف.
13. الانتقال المزاجي: قد يصاحب الاكتئاب تقلبات في المزاج، حيث يمكن أن يتبع الحزن العميق فترات قصيرة من الارتفاع المزاجي (هبوطًا وصعودًا سريعًا).
14. الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية والهوايات: قد يتجنب المصاب بالاكتئاب المشاركة في الأنشطة الاجتماعية التي كان يستمتع بها سابقًا، ويفضل الانعزال والابتعاد عن الأشخاص والأنشطة.
لاحظ أنه يجب استشارة الطبيب المختص لتشخيص الاكتئاب وتقديم العلاج المناسب، حيث يمكن للمهني الصحي تقييم الأعراض وتقديم الدعم اللازم للمريض.
مقال ذي صلة: طرق علاج الاكتئاب الصباحي
أسباب الاكتئاب الليلي
هناك عدة أسباب محتملة للإصابة بالاكتئاب الليلي[3].
من بين هذه الأسباب:
- اختلال في الساعة البيولوجية: يعتقد أن اختلال في الساعة البيولوجية الداخلية للجسم يمكن أن يؤدي إلى ظهور الاكتئاب يتعلق هذا بتنظيم الهرمونات والعمليات البيوكيميائية التي تؤثر على النوم والمزاج.
- عوامل وراثية: قد يكون للعوامل الوراثية دور في زيادة عرضة الفرد للاكتئاب الليلي إذا كان أحد الأقارب القريبين مصابًا بالاكتئاب الليلي، فقد يكون لديك مخاطر أعلى لتطويره.
- ضغوط الحياة والتوتر: يعد التعرض لضغوط الحياة المستمرة والتوتر النفسي عاملاً مساهمًا في ظهور الاكتئاب قد تشمل هذه الضغوط مشاكل العمل، العلاقات العاطفية الصعبة، المشاكل المالية، أو أي تحديات أخرى قد يواجهها الفرد.
- الاضطرابات النفسية الأخرى: قد يكون للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية أخرى، مثل اضطرابات القلق أو اضطرابات النوم، ميلاً أكبر للإصابة بالاكتئاب الليلي يمكن أن تتفاعل هذه الاضطرابات مع بعضها البعض وتزيد من خطر الاكتئاب الليلي.
- العوامل البيئية: قد يلعب البيئة المحيطة بالشخص دورًا في ظهور الاكتئاب الليلي على سبيل المثال، الإجهاد المرتبط بالظروف المعيشية الصعبة، مثل الفقر أو العنف الأسري، قد يؤدي إلى تطور الاكتئاب الليلي.
- اضطرابات النوم: قد يكون لاضطرابات النوم دور في تفاقم الاكتئاب الليلي مشاكل مثل الأرق، الأحلام الكابوسية المتكررة، أو النوم السطحي يمكن أن تؤثر سلبًا على جودة النوم وتزيد من الأعراض الاكتئابية الليلية.
- نقص الضوء الطبيعي: قد يؤثر قلة التعرض للضوء الطبيعي خلال النهار في ظهور الاكتئاب الليلي. فقد تعتمد الساعة البيولوجية للجسم على الإشارات الضوئية لتنظيم الساعة الداخلية والتأثير على المزاج والنوم.
- استخدام بعض الأدوية: بعض الأدوية، مثل بعض أدوية الحساسية والعلاجات الهرمونية، يمكن أن تسبب تأثيرات جانبية تشمل الاكتئاب الليلي.
- التغيرات الموسمية: قد يصاب البعض بالاكتئاب الليلي في فصول معينة من السنة، مثل فصل الشتاء، حيث يكون التعرض للضوء المنخفض والتغيرات في النمط الحيوي لليوم والليل يمكن أن يؤثر على المزاج ويسهم في الاكتئاب الليلي.
- العوامل الهرمونية: تلعب الهرمونات دورًا في تنظيم المزاج والنوم، ويعتقد أن التغيرات في مستويات الهرمونات مثل الاستروجين والبروجستيرون قد تؤثر على ظهور الاكتئاب الليلي لدى النساء.
يرجى ملاحظة أن الاكتئاب الليلي هو حالة طبية تحتاج إلى تقييم من قبل متخصصي الصحة النفسية لتحديد الأسباب المحتملة وتوفير العلاج المناسب.
علاج الاكتئاب الليلي
علاج الاكتئاب الليلي [4]يتطلب مشورة واستشارة متخصصة من قبل اختصاصيي الصحة النفسية ومع ذلك، هناك بعض الخطوات والعلاجات المشتركة التي يمكن أن تساعد في إدارة وعلاج الاكتئاب الليلي.
تشمل هذه العلاجات:
1. العلاج الدوائي: يمكن أن يصف الطبيب أدوية مثل مضادات الاكتئاب (مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية) لتحسين التوازن الكيميائي في الدماغ وتقليل الأعراض الاكتئابية.
2. العلاج النفسي: يمكن أن يكون العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، فعالًا في علاج الاكتئاب الليلي. يعمل العلاج السلوكي المعرفي على تغيير الأنماط السلبية في التفكير والسلوك وتعزيز استخدام استراتيجيات صحية لتحسين النوم والمزاج.
3. تحسين نمط النوم: يمكن أن يكون تحسين نمط النوم أمرًا مهمًا لمعالجة الاكتئاب الليلي. يجب أن يتبع الفرد ممارسات صحية للنوم، مثل تحديد جدول ثابت للنوم والاستيقاظ في نفس الوقت يوميًا، وتجنب المنبهات المثيرة قبل النوم، وإنشاء بيئة مريحة ومظلمة للنوم.
4. العلاج بالضوء: يمكن أن يكون العلاج بالضوء فعالًا في حالات الاكتئاب الليلي المرتبط بنقص الضوء الطبيعي يشمل هذا التعرض المنتظم للضوء الساطع خلال النهار أو استخدام أجهزة الضوء الخاصة لتعويض نقص الضوء.
5.دعم العائلة والاجتماعي: يعد الحصول على الدعم من أفراد العائلة والأصدقاء والمشاركة في أنشطة اجتماعية إيجابية جزءًا مهمًا من عملية الشفاء. يجب أن يشعر الفرد بالدعم العاطفي والاجتماعي من الأشخاص المقربين.
بالإضافة إلى العلاجات المذكورة سابقًا،
هناك بعض الاستراتيجيات الأخرى التي يمكن أن تساعد في التغلب على الاكتئاب الليلي:
- ممارسة التمارين الرياضية: يعتبر ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أحد العلاجات الطبيعية المهمة للتخفيف من الاكتئاب تساعد التمارين الرياضية على إفراز المواد الكيميائية في الدماغ التي تعزز المزاج وتقلل من القلق والتوتر.
- تقنيات الاسترخاء والتأمل: يمكن أن تساعد تقنيات الاسترخاء والتأمل في تهدئة العقل وتقليل التوتر والقلق يمكن تعلم هذه التقنيات من خلال الاستعانة بكتب أو برامج موجهة أو الانضمام إلى فصول عبر الإنترنت.
- الحفاظ على نمط حياة صحي: يجب العناية بالنظام الغذائي الصحي وتجنب الأطعمة الثقيلة قبل النوم كما يجب تجنب تناول المنبهات مثل الكافيين والكحول قبل النوم، حيث يمكن أن يؤثران سلبًا على نوعية النوم.
- الدعم الاجتماعي: يمكن أن يكون الحصول على دعم من الأصدقاء والأحباء والانخراط في أنشطة اجتماعية مفيدًا تجربة المشاركة في أنشطة ممتعة وتعزيز الروابط الاجتماعية يمكن أن تعزز المزاج وتخفف من الاكتئاب الليلي.
- تسجيل الأفكار والمشاعر: قد يكون مفيدًا تدوين الأفكار والمشاعر في مذكرة قبل النوم. يمكن أن يساعد ذلك على تخفيف الضغط العقلي وتحرير بعض التوتر والقلق قبل النوم.
تذكر أن اكتئاب الليل هو حالة يجب التعامل معها بجدية، وقد يحتاج الأمر إلى تجربة عدة علاجات وتعديلات حتى يتم الوصول إلى العلاج الأنسب لك لذا، يُنصح بالتوجه إلى اختصاصي الصحة النفسية للحصول على تقييم وعلاج ملائم لحالتك الفردية.
هل تحتاج إلى مساعدة؟
إذا كنت تواجه أعراض الاكتئاب الليلي،يجب عليك الحصول على مساعدة فورية الآن قبل فوات الآوان.
من أجل الحصول على دعم فوري، تواصل مع طبيب نفسي اونلاين الآن.
في الختام
نجد أن اكتئاب الليل يمثل تحديًا نفسيًا يستحق الاهتمام والتفكير العميق. إن تأثيره السلبي على نوم الأفراد وحياتهم اليومية يجعل من الضروري توعية الجمهور حول هذه الحالة وتقديم الدعم اللازم لمن يعانون منها. من المهم أن نذكر بأن هناك خيارات العلاج والمساعدة المتاحة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الليلي.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا