الصحة النفسية واحدة من أهم أجزاء الصحة، فالصحة تشمل السلامة والصحة البدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية أيضا، وليس مجرد خلو الجسم من الأمراض العضوية والعجز، هذا وإن الصحة النفسية لا تعني فقط عدم وجود الاضطرابات والمشاكل النفسية.
فالصحة النفسية تعني خلو النفس من أي اضطرابات وأمراض نفسية، والتي تشمل أيضا قدرة الفرد على توظيف مهاراته وقدراته فيما يناسبه من نشاطات وعادات اجتماعية ويومية بإتقان، وبشكل طبيعي، وقدرة الشخص على تحمل الضغوط والإجهادات العادية في الحياة اليومية.
فالصحة النفسية هي خلو النفس من كل المشاكل والحزن والأفكار الغير صحيحة أو الطبيعة، والتي قد تتسبب في تصرفات وأفعال غير طبيعية أو غير مألوفة، والتي في العادة ما تكون مؤذية.
معنى الصحة النفسية
تعرف الصحة النفسية باللغة الإنجليزية بمصطلح (Psychological health)، والتي تشمل في معناها السلامة النفسية، وخلو النفس من أي أمراض أو أفكار غير طبيعية أو مؤذية، والسلامة النفسية تعني قدرة الفرد على التعامل مع باقي الأفراد بصورة طبيعية، وسليمة ودون أي أفكار غير سليمة.
والصحة النفسية[1] لا تقل في أهميتها عن الصحة البدنية، بل ومن الممكن أن تزيد أهميتها عن أهمية الصحة الجسدية والبدنية، لذلك حرصنا على تعريف الصحة النفسية وسبل الحفاظ عليها وبيان مدى أهميتها في حياتنا الاجتماعية، وقدرة الفرد على التفكير والتفاعل مع المحيطين به في المجتمع.
كما أنها تعرف أيضا بإمكانية الفرد على التعامل مع البيئة المحيطة من حوله وقدرته على حل ما يواجه من مشاكل وأزمات بحلول سليمة مرضية، بطابع يغلب عليه الحكمة والتصرف السليم تحت تأثير أيا من عوامل الغضب أو الضغوطات النفسية.
هذا وأنه هناك العديد من العوامل التي تؤثر على مدى سلامة الصحة النفسية، وثبت أن هناك علاقة متوفرة بين تدهور حال الصحة النفسية، والتغيرات المفاجأة التي تطرأ على الحياة الاجتماعية فجأة، وإجهاد العمل والحزن الشديد والصدمات العصبية والعاطفية وصور العنف المختلفة والتعدي على حقوق الإنسان بأي صورة.
هذا بالإضافة إلى وجود عوامل نفسية أخرى تختلف من كل فرد إلى أخر، والتي تكون السبب في اختلاف نسبة إصابة كل فرد بالأمراض النفسية من شخص لأخر، والتي قد تكون منها العوامل الوراثية والجينية أيضا، واختلاف نسبة المواد الكيمائية الموجودة في الدماغ.
تعريف المدارس لمعنى الصحة والسلامة النفسية
كانت هناك العديد من المدارس المختصة في دراسة علم النفس بوضع مفاهيم وتعريفات عديدة خاصة بالصحة النفسية، والتي من ضمنها تعريف العالم فرويد الذي قام بتعريفها على أنها إمكانية الفرد على القيام بالمهام الطبيعية.
هذا بالإضافة إلى تعريف المدرسة السلوكية: أنها عبارة عن قدرة الفرد على اختيار الفعل المناسب للموقف بتحكيم الأفكار السليمة والعقل، معتمدا على العادات والتقاليد السلوكية المكتسبة من البيئة المحيطة.
وتعريف المدرسة الإنسانية والتي يقوم بتمثيلها العالم ماسلو، والذي عرف الصحة النفسية على أنها كون الشخص ذو نفسية سوية، وقدرته على التعامل مع المواقف والأمور اليومية بشكل سليم، في حين أن الشخصية الغير سوية والغير متزنة لا تستطيع التصرف بشكل سليم مع المواقف اليومية التي يتعرض لها.
بعض المفاهيم والمصطلحات التي ترتكز عليها الصحة النفسية
هناك العديد من المصطلحات التي تخدم مفهوم السلامة النفسية والتي تتمثل في:
الشخصية
الشخصية جزء لا يتجزأ من الإنسان والتي تتأثر تأثر كبير بكل ما يحيط الإنسان وما يتعرض له من ظروف، ويكون من السهل تقويمها للسلوك الإنساني الصحيح مادامت لا تعاني أي مشاكل أو اضطرابات نفسية أو عصبية.
القلق
والذي هو عبارة عن مصطلح يدل على اضطراب الإنسان نتيجة اضطراب الأفكار والتشتت لأمر ما، وهو ما يتلاشى بمجرد عدم وجود المسبب لهذا القلق واضطراب التفكير.
العدوانية
والتي هي واحدة من السلوكيات الفردية الخاصة بالفرد نفسه وليست صفة جماعية والتي تنشأ نتيجة التعنيف والإيذاء الجسدي والنفسي والتي يتسم الفرد المتصف بها بالميل إلى التصرف تصرفات عدوانية وعنيفة.
الإحباط
والذي له معنى أخر فيما يعرف بخيبة الأمل وعدم الوصول لهدفه أو غايته وعدم إنجاز أي نجاح والوصول إلى الأهداف المحددة، ويتلاشى هذا الشعور بتلاشي العوامل التي تسببت في ذلك.
العوامل التي تحدد مدى الصحة النفسية
العوامل التي تحدد السلامة النفسية كثيرة ومتنوعة، وتختلف من النفسية والاجتماعية والبيولوجية في مراحل حياته المختلفة، هذا وأن أهم هذه العوامل تتمثل في المشاكل والضغوط الاقتصادية والاجتماعية، والتي لها دور كبير في التأثير على سلامة الصحة النفسية.
ومن أهم هذه العوامل هو الفقر والذي له تأثير كبير على تدهور الحالة النفسية بصورة كبيرة.
عوامل الصحة النفسية
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على الصحة والسلامة النفسية[2] وانعكاسها على سلوكيات وأفعال الفرد والتي تتمثل في:
الأسرة والعائلة
حيث أن الأسرة والأبوين هم أهم العوامل التي لها تأثير كبير على الصحة والسلامة النفسية، فالجو الأسري الغير سليم والغير متزن، المليء بالمشاحنات والعنف والخلافات الأسرية والعائلية، يمكنه أن يؤثر بالسلب على نفسية الفرد، ويجعل منه شخص ذو نفسية مضطربة وغير سوية، ويجعله عرضة للأمراض النفسية المختلفة.
أما الجو الأسري السليم المليء بالحب والمودة والحنان كفيل بأن يحافظ على النفسية السليمة والصحيحة للطفل ويجعل منه شخص سوي متزن
العمل
إن العمل من أكثر العوامل التي تؤثر على صحة الإنسان البدنية والنفسية، فإن ضغوطات العمل التي يتعرض لها الإنسان في كل يوم كفيلة أن تصيب الإنسان باضطرابات نفسية.
خاصةً وأن هناك العديد من صور العمل التي لا تراعي الحالة النفسية للأفراد التي تعمل لصالحها، ولا تحرص على توفير بيئة عمل مناسبة لهم، فعلى سبيل المثال: الأشخاص الذين يعملون لفترات طويلة تحت أشعة الشمس في أيام الصيف، وعدم الحرص على توفير أيا من سبل الراحة لهم يؤثر بالسلب على صحتهم النفسية والجسدية بشكل كبير.
البطالة
على الرغم من أن العمل قد يتسبب في توفر المشاكل النفسية، فإن عدم التحاقك بعملٍ ما يؤدي إلى توفر العديد من المشاكل والاضطرابات النفسية، خاصة مع الغلاء وتدهور الحالة الاقتصادية والاجتماعية.
الفقر
الفقر من أهم وأول الأسباب التي تؤثر على السلامة النفسية، فليس هناك على الإنسان ما هو أصعب من الفقر والحاجة وعدم القدرة على تمرير اليوم وتوفير سبل الحياة الكريمة، وأقل ما في ذلك توفير الطعام والملبس والمسكن.
تدني مستوى التعليم
مستوى التعليم والوعي الثقافي لهما دور كبير في التأثير على نفسية الأفراد وتحسن سلوكهم وطريقة تفكيرهم، وسبل التعامل مع ظروف الحياة اليومية المختلفة، والقدرة على تخطي الأزمات والمشاكل دون التأثير على السلامة والصحة النفسية الخاصة بهم.
أشكال وصور الاضطرابات النفسية
تختلف صور الاضطرابات والمشاكل النفسية حسب الفئات العمرية والمراحل التي يمر بها الإنسان، فمثلا صور الاضطراب النفسي عند الأطفال تختلف عنها عند الشباب والكبار،
فصور الاضطراب النفسي عند الأطفال وصغار السن تتمثل في:
- حب الطفل وتفضيله العزلة، والنفور من المشاركات الاجتماعية.
- ملاحظة تأخر الطفل في التعلم وعدم الاستجابة السريعة.
- ظهور بعض السلوكيات العدوانية أو السلوك الانطوائي.
- محاولة إيذاء النفس.
- انخفاض التركيز والأرق وعدم الراحة في النوم.
- فقدان الشهية.
- الغضب الشديد والغير مبالغ فيه.
- وغيرها من السلوكيات الغير متزنة والغير سليمة.
مقالات ذي صلة : تعريف التوحد | اسباب التوحد | اعراض التوحد واحدث طرق علاجه
أما أعراض الأمراض النفسية عند الكبار فتتمثل في
- ميل الشخص دوما للأفكار والتصرفات العدوانية والمؤذية للأشخاص الأخرين.
- التفكير دوما في الانتحار وإيذاء النفس.
- الأرق والتعب الجسدي.
- الحزن الشديد وحب العزلة.
- الإحساس الدائم بالخمول والتعب.
- فقدان الشهية وانخفاض في الوزن.
- التشتت.
- الشعور بالعظمة والتفكير في الأفكار الغير سليمة.
- الصمت وقلة الكلام ومشاركة الأخرين.
هذا بالإضافة إلى العديد من العلامات التي تجدها ظاهرة وجلية على المريض النفسي أو من لديه اضطراب في صحته النفسية
أنواع الأمراض النفسية
هناك العديد من أنواع وصور الأمراض النفسية[3] التي من الممكن أن يتعرض لها الإنسان والتي تتمثل في بعض الصور مثل:
الاكتئاب
يعتبر الاكتئاب من أكثر أنواع الأمراض والاضطرابات النفسية شيوعا وانتشارا، وفي هذا النوع من الاضطراب النفسي يصبح الشخص المصاب به فاقداً لكل اهتماماته بأفعاله ونشاطاته اليومية.
كما أنه يؤثر بصورة كبيرة على تصرفاته وسلوكياته اليومية والاجتماعية، ويجعل الشخص خاملا ومنعزلا لا يحب الاختلاط بالأخرين ويفضل الجلوس وحيدا، يغلب عليه الحزن الشديد والتفكير الغير سليم، وكثيرا ما يفكر في الانتحار وإيذاء النفس.
وتصل نسبة المصابين بهذا المرض إلى 12% وهي نسبة لا يستهان بها، هذا بالإضافة إلى أن هذا المرض يمكنه أن يصيب الشخص في أي مرحلة عمرية، خصوصا في مرحلة المراهقة والشباب وفي سن العشرين عاما، و قد يكون في معظم الأحيان مصاحباً لبعض الأمراض، مثل: أمراض الضغط والسكري وأمراض القلب والسكتات الدماغية والجلطات.
يتسبب هذا النوع من الاضطرابات النفسية للأسف في زيادة عدد الوفيات، خصوصا في مرحلة الشباب وفترة العشرينيات، ولتشخيص حالة بأنها مصابة بالاكتئاب ستلاحظ عليه العديد من العلامات المميزة والتي تعد من أعراض هذا المرض:
- امتلاك الشخص لمزاج سيئ متقلب يغلب عليه الحزن.
- الأرق وزيادة عدد ساعات النوم.
- الخمول والكسل.
- الرغبة في الانعزال وعدم الاختلاط بالأخرين.
- انخفاض التركيز.
- الانفعال وردود الفعل المبالغ فيها.
- الشعور بالذنب الزائد.
- التفكير الانتحاري والتفكير في إيذاء النفس.
- فقدان الشهية ونقصان الوزن.
هذا وإن هذا الداء من الممكن أن يكون نتيجة لبعض الأدوية كعرض جابني، نتيجة لإفراط في إفرازات الغدة الدرقية، فلذك يجب معرفة أسباب المرض أولاً حتى يسهل التعامل معه وعلاجه بالطرق الصحيحة.
الهوس
والذي يمكن التعبير عنه على أنه اضطراب في المزاج والحالة النفسية، وتعظيم النفس وتقديس الذات وارتفاع طاقة الشخص، هذا بالإضافة إلى أن هذا المرض بأعراضه يستمر لمدة أسبوع فأكثر، فيمكن بعد ذلك تشخيص الحالة أنها مصابة بالهوس وليس قبل ذلك، ويجب أن تكون متوفرة فيه ثلاثة أو أربعة من الأعراض الأتية على الأقل:
- تعظيم النفس وتقديسها وحب الذات.
- قلة رغبة الشخص في النوم والراحة.
- القيام بالأنشطة التي لها أهداف مرتفعة.
- كثرة الثرثرة والتحدث عن النفس.
- التهور والقيام بأنشطة خطيرة.
انفصام الشخصية
والذي يعد أحد صور الأمراض النفسية والذي يظهر واضحا في تغير الأفكار والمشاعر والتصرفات بصورة مفاجأة وبدون وجود أي تفسير، هذا وأن هذا المرض قادر بصورة كبيرة على التأثير بالسلب على حياة الفرد الاجتماعية والعاطفية.
هذا بالإضافة إلى العديد من صور الأمراض النفسية، والتي وجود أحدها أو أي من أعراضها يدل على وجود مشاكل نفسية وينفي وجود وتعريف الصحة النفسية.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا
تعليق واحد
التعليقات مغلقة