اضطراب الهلع هو حالة نفسية معقدة تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم. يتسم هذا الاضطراب بنوبات مفاجئة من الخوف الشديد والقلق، والتي قد تكون مصحوبة بأعراض جسدية مثل خفقان القلب، وضيق التنفس، والتعرق الشديد. على الرغم من أن نوبات الهلع قد تبدو مخيفة ومربكة، إلا أن فهم الأعراض، والأسباب المحتملة، وطرق العلاج يمكن أن يساعد في تخفيف تأثيرها على حياة المصاب. في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل كل ما يتعلق باضطراب الهلع، بما في ذلك كيفية تشخيصه والعلاجات المتاحة.
ما هو اضطراب الهلع؟
اضطراب الهلع [1] هو أحد اضطرابات القلق التي تتميز بنوبات متكررة وغير متوقعة من الهلع الشديد. يشعر الشخص المصاب بالهلع خلال هذه النوبات بمجموعة متنوعة من الأعراض الجسدية والنفسية التي قد تجعله يعتقد أنه يواجه خطرًا وشيكًا على حياته، مثل الإصابة بنوبة قلبية أو فقدان السيطرة. تظهر هذه النوبات فجأة ودون سبب واضح، وقد تتكرر عدة مرات في الشهر أو حتى في الأسبوع الواحد.
أعراض اضطراب الهلع
تتراوح أعراض اضطراب الهلع [2] بين الجسدية والنفسية، ويمكن أن تكون شديدة للغاية. من أبرز هذه الأعراض:
- خفقان القلب: غالبًا ما يشعر الشخص بأن قلبه ينبض بسرعة أو بقوة، مما يثير لديه القلق بشأن صحة قلبه.
- ضيق التنفس: يعاني البعض من صعوبة في التنفس أو شعور بالاختناق، وهو عرض يمكن أن يكون مخيفًا جدًا.
- التعرق: يزيد التعرق بشكل ملحوظ خلال نوبات الهلع، خاصة في المناطق مثل اليدين والوجه.
- الارتعاش أو الهزات: قد يشعر الشخص بالارتعاش أو هزات خفيفة في جسمه.
- الشعور بالدوار أو الإغماء: يشعر البعض بالدوار، أو كما لو أنهم على وشك الإغماء.
- الغثيان أو اضطراب المعدة: قد تصاحب نوبات الهلع شعور بالغثيان أو آلام في المعدة.
- الشعور بالاختلال أو الانفصال عن الواقع: يشعر البعض كما لو أنهم منفصلون عن جسدهم أو أنهم في حلم.
- الخوف من الموت أو الجنون: خلال نوبة الهلع، قد يشعر الشخص بخوف شديد من أنه على وشك الموت أو فقدان السيطرة على عقله.
أسباب اضطراب الهلع
لا يوجد سبب واحد محدد يمكن أن يُعزى إليه اضطراب الهلع، لكن هناك مجموعة من العوامل التي يُعتقد أنها تلعب دورًا في تطور هذا الاضطراب.
تشمل هذه العوامل:
- العوامل الوراثية
- التغيرات الكيميائية في الدماغ
- العوامل البيئية
- الصفات الشخصية
- الصدمات السابقة
مقال ذي صلة: الاضطرابات السلوكية: أنواعها، أسبابها، وطرق علاجها
كيف يتم تشخيص اضطراب الهلع؟
تشخيص اضطراب الهلع يتطلب تقييمًا دقيقًا من قبل مختص في الصحة النفسية. يبدأ التقييم عادة بجمع تاريخ طبي ونفسي شامل لتحديد ما إذا كانت الأعراض التي يعاني منها الشخص تتوافق مع المعايير التشخيصية لاضطراب الهلع كما هو محدد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5). يتضمن التشخيص عادةً:
- مراجعة الأعراض: يقوم المختص بتحديد ما إذا كانت الأعراض الجسدية والنفسية التي يعاني منها الشخص تتماشى مع نوبات الهلع.
- استبعاد الحالات الطبية الأخرى: في بعض الأحيان، قد تكون الأعراض الجسدية ناتجة عن حالات طبية أخرى مثل أمراض القلب أو اضطرابات الغدة الدرقية. لذلك، قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات طبية لاستبعاد هذه الحالات.
- التقييم النفسي: يشمل هذا التقييم مناقشة أفكار الشخص، ومشاعره، وسلوكياته لتحديد مدى تأثير نوبات الهلع على حياته اليومية.
تأثير اضطراب الهلع على الحياة اليومية
يمكن أن يكون لاضطراب الهلع تأثير كبير على نوعية الحياة حيث يمكن أن يتسبب في مشاعر مستمرة من الخوف والقلق من بين هذه التأثيرات تجنب المواقف، حيث قد يبدأ الأشخاص المصابون باضطراب الهلع في تجنب المواقف أو الأماكن التي يرتبطون بها بنوبات الهلع مما قد يؤدي إلى عزلة اجتماعية وكذلك صعوبة في العمل أو الدراسة حيث يمكن أن تتداخل نوبات الهلع مع القدرة على التركيز أو الأداء في العمل أو المدرسة.
بالإضافة إلى ذلك قد يواجه الأشخاص المصابون باضطراب الهلع صعوبة في النوم أو الاستمرار في النوم بسبب القلق المستمر وقد تؤثر نوبات الهلع على العلاقات مع الأصدقاء والعائلة حيث قد يشعر الشخص المصاب بالخجل أو الحرج من حالته
علاج اضطراب الهلع
يمكن علاج اضطراب الهلع[3] بنجاح باستخدام مجموعة من الخيارات العلاجية. تعتمد الخطة العلاجية المثلى على شدة الأعراض وتفضيلات الشخص، وتشمل العلاج النفسي، والعلاج الدوائي، وتغييرات نمط الحياة.
العلاج النفسي
العلاج النفسي هو خيار فعال لمعالجة الهلع، خاصة عندما يقترن بالعلاج الدوائي. من أبرز أنواع العلاج النفسي المستخدم:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يعتبر العلاج السلوكي المعرفي أحد أكثر العلاجات فعالية لاضطراب الهلع. يساعد هذا النوع من العلاج الشخص على فهم وتغيير الأنماط السلبية من التفكير والسلوك التي تسهم في حدوث نوبات الهلع. يتعلم الشخص أيضًا كيفية التعامل مع النوبات عند حدوثها من خلال تقنيات التنفس والاسترخاء.
- العلاج بالتعرض: يتم في هذا النوع من العلاج تعريض الشخص للمواقف أو المحفزات التي تثير نوبات الهلع بشكل تدريجي وتحت إشراف متخصص، مما يساعد في تقليل القلق بمرور الوقت.
العلاج الدوائي
قد يوصف الأطباء بعض الأدوية للتخفيف من أعراض الهلع، خاصة في الحالات الشديدة. من الأدوية المستخدمة:
- مضادات الاكتئاب: مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) التي تساعد في تنظيم مستوى السيروتونين في الدماغ.
- البنزوديازيبينات: هذه الأدوية تساعد على تهدئة الأعصاب وتقليل القلق بشكل سريع، ولكن يُفضل استخدامها لفترات قصيرة نظرًا لاحتمالية الإدمان.
- مضادات القلق: مثل البوسبيرون الذي يساعد على تقليل القلق دون الآثار الجانبية الشديدة للبنزوديازيبينات.
التعامل مع اضطراب الهلع
إلى جانب العلاجات الطبية والنفسية، هناك بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد الشخص المصاب باضطراب الهلع على إدارة نوباته بشكل أفضل:
- التعرف على المحفزات
- ممارسة تقنيات التنفس
- البقاء متفائلًا
- البحث عن دعم
متى يجب البحث عن مساعدة طبية؟
في بعض الأحيان، قد يكون اضطراب الهلع شديدًا لدرجة أن الشخص يشعر بالعجز عن التعامل معه بمفرده. إذا كانت نوبات الهلع تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية، مثل القدرة على العمل أو الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، فمن الضروري البحث عن مساعدة طبية متخصصة. الأعراض التي تستدعي البحث عن المساعدة تشمل:
- نوبات الهلع المتكررة والمستمرة: إذا كانت نوبات الهلع تحدث بشكل متكرر وتؤثر على جودة الحياة.
- الخوف من مغادرة المنزل: إذا كان الشخص يتجنب المواقف أو الأماكن خوفًا من حدوث نوبة هلع.
- الأفكار الانتحارية: إذا كانت هناك أفكار مستمرة عن إيذاء النفس أو الانتحار، فمن الضروري البحث عن مساعدة فورية.
الخاتمة
اضطراب الهلع هو حالة نفسية يمكن أن تكون مرهقة ومخيفة، لكنها قابلة للعلاج. من خلال فهم الأعراض والعوامل المساهمة واتباع الخطط العلاجية المناسبة، يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب أن يعيشوا حياة أكثر استقرارًا وأقل قلقًا.
البحث عن الدعم المناسب من الأطباء النفسيين والمعالجين، والتزام الشخص بالعلاج النفسي والدوائي وتغييرات نمط الحياة، يمكن أن يساعد في تقليل تأثير نوبات الهلع وتحسين جودة الحياة بشكل عام.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا