تعتبر الدورة الشهرية واحدة من العمليات الفسيولوجية الحيوية التي يخضع لها جسم المرأة. ومع ذلك، قد تُصاحب هذه العملية تغيرات مزاجية ونفسية تؤثر على الحالة العامة للمرأة. تعاني بعض النساء من اضطرابات نفسية وعاطفية تظهر في فترة معينة من الدورة الشهرية، مما يسمى بـ”اكتئاب الدورة الشهرية”، والذي يمكن أن يكون تحديًا للحياة اليومية والصحة النفسية للنساء.
يتراوح طيف اكتئاب الدورة الشهرية بين اضطرابات ما قبل الحيض البسيطة إلى اضطرابات انفصال الدورة الشهرية الشديدة التأثير وبصورة عامة، يشمل هذا النوع من الاكتئاب تغيرات في المزاج والعواطف والسلوك قبيل بداية الدورة الشهرية، وتستمر هذه الأعراض لفترة قصيرة من الزمن.
تمثل هذه المقالة محاولة لفهم أكثر عن اكتئاب الدورة الشهرية، حيث سنستكشف أعراضه، والأسباب المحتملة وراء ظهوره، بالإضافة إلى الأساليب المتاحة للتعامل معه والعلاج سنلقي نظرة على الاختلافات بين اضطراب ما قبل الحيض واضطراب انفصال الدورة الشهرية، ونناقش أهمية الاستشارة الطبية والدعم النفسي في هذا السياق.
أعراض اكتئاب الدورة الشهرية
يُعرف اكتئاب الدورة الشهرية، أو ما يُعرف أيضًا بـ”اضطراب انفصال الدورة الشهرية” أو “اكتئاب ما قبل الحيض”، بأنه حالة نفسية تظهر قبل بضعة أيام من بداية الدورة الشهرية (الحيض) وتختفي بعد بداية الدورة أو قليلاً بعد ذلك يمكن أن يُصاحب هذا الاكتئاب العديد من الأعراض التي تتشابه إلى حد ما مع أعراض اكتئاب عام ومن بين هذه الأعراض:
1. الحزن والاكتئاب: شعور مستمر بالحزن أو الاكتئاب، وهذا الشعور يمكن أن يكون أكثر تلقائية قبيل بداية الدورة الشهرية.
2. تقلب المزاج: تقلبات مشددة في المزاج، حيث يمكن أن تشعر الشخص بالغضب أو التهيج بسهولة.
3. القلق والتوتر: زيادة في مستويات القلق والتوتر، وهذا يمكن أن يسبب شعورًا بالارتباك وعدم الارتياح.
4. التعب والإرهاق: شعور بالتعب والإرهاق البدني والعقلي، وقد يكون هذا الإرهاق مفرطًا.
5. اضطرابات النوم: قد تحدث صعوبات في النوم مثل الأرق أو النوم المفرط.
6. قلة التركيز والانتباه: صعوبة في الانتباه والتركيز على المهام، وقد يؤثر ذلك على الأداء اليومي.
7. فقدان الاهتمام: فقدان الاهتمام بالأنشطة والهوايات السابقة الممتعة.
8. تغيرات في الشهية: تغيرات في الشهية تجاه الطعام، مع تجنب الطعام أو اللجوء إلى تناول الطعام الزائد أو غير الصحي.
9. اضطرابات جسدية: قد يشمل ذلك الآلام الجسدية، مثل الصداع وآلام البطن، والتي يمكن أن تكون ناتجة عن التوتر العقلي.
10. انعزال اجتماعي: رغبة في الانعزال عن الأصدقاء والعائلة، والامتناع عن المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
11. التوتر الجسدي: يمكن أن تتسبب تغيرات هرمونات الدورة الشهرية في شعور بالتوتر الجسدي، مثل تورم الثديين أو الإحساس بالثقل في الجسم.
12. الرغبة الجنسية المنخفضة: قد تتأثر الرغبة الجنسية خلال فترة الاكتئاب الدوري، مما يؤثر على الحياة الجنسية.
13. العزلة والانعزالية: الشعور برغبة في الانعزال عن الآخرين والبقاء بمفرده قد يكون واضحًا أثناء فترة الاكتئاب الدوري.
14. الانتباه للسلبيات: يمكن أن يزداد التركيز على الجوانب السلبية والمشاعر السلبية خلال هذه الفترة.
15. الاكتئاب البدني: قد يرافق اكتئاب الدورة الشهرية أعراضًا بدنية مثل الشعور بالألم والتعب الشديد.
16. تقلبات الطاقة: تقلبات في مستويات الطاقة، حيث يمكن أن يتبع فترات من النشاط الزائد فترات من الإرهاق والتعب.
17. التفكير السلبي والذاتي: زيادة في التفكير السلبي والشعور بقلة القيمة وعدم الكفاءة.
18. المشاعر المتناقضة: تجربة مشاعر متناقضة في نفس الوقت، مثل الحزن والغضب.
19. الشعور بالانزعاج من الآخرين: زيادة في الحساسية لتصرفات وكلمات الآخرين، وقد تؤدي إلى شعور بالانزعاج السريع.
20. تغيرات في السلوك الغذائي: تغيرات في عادات التغذية، مثل زيادة تناول الطعام العالي السكر أو الدهون.
أسباب اكتئاب الدورة الشهرية
تعتبر أسباب اكتئاب الدورة الشهرية مرتبطة بتفاعل معقد من العوامل البيولوجية والنفسية والهرمونية. على الرغم من أن الأسباب لم تُحدد بالضبط، إلا أن هناك عددًا من العوامل المحتملة التي يُعتقد أنها قد تسهم في حدوث هذا النوع من الاكتئاب:
- التغيرات الهرمونية: تعتبر التغيرات الهرمونية الرئيسية خلال دورة الحيض من أهم الأسباب المرتبطة بحدوث اكتئاب الدورة الشهرية تتغير مستويات الهرمونات مثل الاستروجين والبروجستيرون خلال الدورة الشهرية، وهذه التغيرات قد تؤثر على توازن النواقل العصبية في الدماغ، مما يمكن أن يسهم في حدوث اضطرابات مزاجية.
- العوامل الجينية: هناك عناصر وراثية قد تجعل بعض النساء أكثر عرضة لتطوير اكتئاب الدورة الشهرية من غيرهن.
- العوامل النفسية والاجتماعية: الضغوط النفسية والاجتماعية قد تلعب دورًا في زيادة عرضة النساء للاكتئاب خلال فترة الدورة الشهرية الإجهاد، والتوتر، ومشاكل العلاقات، وضغوط العمل قد تسهم في تفاقم الأعراض.
- التفاعل العصبي: هناك تفاعلات معقدة بين الهرمونات والنظام العصبي تلعب دورًا في حدوث اكتئاب الدورة الشهرية. التوازنات الهرمونية المتغيرة يمكن أن تؤثر على أنظمة النواقل العصبية في الدماغ وبالتالي تؤثر على المزاج والاستجابة العاطفية.
- تفاعل الجهاز المناعي: بعض الدراسات تشير إلى أن تفاعل الجهاز المناعي قد يكون مرتبطًا بظهور اكتئاب الدورة الشهرية، وقد يؤثر الالتهابات الجسدية على الصحة النفسية.
- اضطرابات نفسية أخرى: النساء اللاتي يعانين من اضطرابات نفسية أخرى مثل اضطرابات القلق أو اضطرابات الهلع قد يكونون أكثر عرضة لتطوير اكتئاب الدورة الشهرية.
من المهم ملاحظة أن هذه العوامل قد تتفاعل معًا لتؤدي إلى حدوث اكتئاب الدورة الشهرية، ولكن البحث ما زال جاريًا لفهم الأسباب بدقة أكبر. إذا كنتِ تعانين من أعراض مشابهة لاكتئاب الدورة الشهرية وتؤثر على حياتك، يفضل مراجعة محترف صحي للحصول على تقييم دقيق وخطة علاج مناسبة.
أنواع اكتئاب الدورة الشهرية
تُعتبر اضطرابات الدورة الشهرية ذات الطابع الاكتئابي متنوعة وتشمل عدة أنماط مختلفة يُمكن تصنيف اكتئاب الدورة الشهرية إلى نوعين رئيسيين: اضطراب انفصال الدورة الشهرية (Premenstrual Dysphoric Disorder – PMDD) واضطراب ما قبل الحيض (Premenstrual Syndrome – PMS).
1. اضطراب انفصال الدورة الشهرية (PMDD):
هذا هو نوع من اكتئاب الدورة الشهرية يُمكن أن يكون أكثر حدة من اضطراب ما قبل الحيض. يتسم PMDD بظهور أعراض نفسية وجسدية شديدة قبل بداية الدورة الشهرية وتختفي بعد بداية الدورة. يمكن أن تشمل الأعراض العواطف الشديدة مثل الحزن والاكتئاب والتوتر والغضب، بالإضافة إلى أعراض جسدية مثل الإجهاد والنوم المتقطع والآلام.
2. اضطراب ما قبل الحيض (PMS):
هذا النوع من الاكتئاب الدوري يتميز بظهور أعراض مشابهة لـ PMDD ولكنها تكون أقل حدة. يشمل PMS تغيرات في المزاج والتوتر وتقلبات المزاج، بالإضافة إلى أعراض جسدية مثل التورم والإجهاد.
تتفاوت شدة الأعراض ونوعية المظاهر التي يعاني منها الأفراد وفقًا للشخص والحالة. من المهم التأكد من تقييم وتشخيص الحالة من قِبل محترف طبي أو نفسي مؤهل. تعتبر الأعراض الشديدة التي تؤثر بشكل كبير على حياة الشخص مؤشرًا على اضطراب الدورة الشهرية، وقد يكون العلاج المناسب ضروريًا.
لاحظ أنه في بعض الأحيان يمكن أن تشبه أعراض اضطراب الدورة الشهرية أعراض اضطرابات نفسية أخرى مثل اضطراب اكتئاب عام أو اضطرابات القلق. لذا، توصي الجهات الطبية بضرورة استشارة محترف صحي لتقديم تقييم دقيق وتوجيه العلاج المناسب.
في ختام مقالنا عن اكتئاب الدورة الشهرية
باختتام، يُسلِط اكتئاب الدورة الشهرية الضوء على التحديات النفسية والجسدية التي يمكن أن تواجهها النساء خلال فترة الدورة الشهرية. يعكس هذا الاضطراب التفاعل المعقد بين العوامل الهرمونية والنفسية، والذي يتسبب في تغيرات مزاجية قد تؤثر بشكل ملحوظ على حياة النساء.
على الرغم من تعقيد هذا الموضوع، يُظهر الوعي المتزايد حول اكتئاب الدورة الشهرية أهمية تقديم الدعم والمساعدة للنساء اللواتي يعانين منه. بفضل التقدم في مجال الطب والعلاج النفسي، تتوفر العديد من الخيارات لتخفيف الأعراض وإدارتها بشكل فعّال.
إذا كنتِ تعانين من أعراض مشابهة لاكتئاب الدورة الشهرية، يُنصح بشدة بمراجعة محترف طبي أو نفسي للحصول على تقييم دقيق وتوجيه فيما يتعلق بأفضل العلاجات المتاحة. التوعية والمعرفة هما المفتاحان للتعامل بشكل أفضل مع هذا الاضطراب والسعي نحو الشعور بالراحة والاستقرار خلال فترة الدورة الشهرية.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا
No Comment! Be the first one.