تعد كلاً من مشكلتي القلق و التوتر من المشكلات الشائعة الآن، فحوالي عشر سكان العالم يذهبون كل عام لزيارة الطبيب لأنهم يعانون من التوتر أو القلق. وقد كان الأطباء يتعاملون مع هذه الحالات في الماضي بطريقة تقليدية وذلك عن طريق صرف العقاقير للمرضي. ولكن، في الأعوام القليلة الماضية أثبتت الدراسات أن هناك طرقاً أخرى أكثر فعالية لعلاج مثل هذه المشكلات، و يتضمن ذلك تعريف الشخص بأساليب التعايش مع المرض و التغلب عليه، وهذا يشبه
في هذا الموضوع اليوم سوف نتطرق للتحدث عن مشكلة القلق وجوانبها وكيف يمكن التعامل معها بفعالية.
ما القلق؟
عندما نشعر بالقلق [1]، تحدث مجموعة من التفاعلات الآلية في أجسامنا، مما يجعلنا على استعداد للتصرف و التفاعل مع الموقف الذي نواجهه، ورد الفعل هذا يعد شيئاً آلياً وفطرياً لدى الإنسان منذ بداية الخلق و يطلق عليه مصطلح” المواجهة أو الهروب” فتخيل مثلاً أن الإنسان البدائي قد يفاجأ حيوان متوحش، فيجب أن يكون مستعداً للتصرف في هذا الموقف العصيب، فهو إما أن يهرب وأما أن يواجه الأمر. ونحن مازال لدينا رد الفعل هذا المرتبط بغريزة البقاء، على الرغم من أنه يتولد الآن في مواقف أكثر تعقيدا وصعوبة- قد لا نكون على وعي كامل ببعضها.
أما عن الجانب الفسيولوجي لرد الفعل هذا. فيتمثل في إرسال المخ إشارة لإفراز هرمون الأدرينالين ( Adrenalin) في مجري الدم و في العضلات الهيكلية الرئيسية للذراعين و القدمين. ويبدأ معدل ضربات القلب في التزايد لزيادة معدل عمله بشكل أكبر. ونتيجة لذلك، يحتاج القلب إلى طاقة أكبر و بالتالي، يتنفس الشخص كميات أكبر من الأوكسجين. ويأتي بعد ذلك دور العرق و الشعيرات الدموية في تهدئة الجسم.
ويحتاج الجسم بشكل عام إلى أن يتخلص من الفضلات قدر الإمكان، مما قد يجعل الفرد يرغب في قضاء حاجته، فعندما تظهر هذه المجموعة من التفاعلات في أي موقف طبيعي- على سبيل المثال، عند دفع عربة التسوق في أحد الأسواق التجارية أو حضور اجتماع عمل مهم، فقد يكون ذلك مخيفاً للفرد. ولكن علينا أن ندرك أن الأعراض الفسيولوجية هذه طبيعة و ليست خطيرة، ولكنها ظهرت في موقف غير ملائم.
الجوانب الثلاثة للقلق
عادة ما يشار إلى القلق على أنه ظاهرة أحادية الجانب و لكن هذا ليس صحيحاً، فهناك ثلاثة جوانب للقلق[2]، وهي:
1- الجانب الفسيولوجي: يتضمن الأعراض سالفة الذكر، بما في ذلك عدم انتظام التنفس و اضطراب المعدة وزيادة العرق و الرعشة وزيادة ضربات القلب وضرورة قضاء الفرد حاجته.
2- الجانب السلوكي: يعني كيفية التصرف عند مواجهة موقف تشعر فيه بالخوف. والمهم في هذا الجانب هو تجنب المواجهة من الموقف، إما بالهروب من الموقف وإما بالانسحاب منه بشكل سريع قدر المستطاع.
3- الجانب الفكري: يتضمن الأفكار و المعتقدات أو التعليقات الداخلية أو الصور الذهنية التي تكونها عما قد يحدث في الموقف الذي تتعرض له و تخشاه.
أسباب القلق
يمكن الإجابة على هذا السؤال بأن هناك في الغالب مجموعة من الأسباب وراء القلق [3] من أهمها ما يلي:
1- قدر الضغط العصبي الذي تتعرض له: قد يتعرض الفرد لمشكلة واحدة كبيرة أو مجموعة من المشكلات الصغيرة التي قد توقعه تحت قدر كبير من لضغط العصبي. هذا و يمكن قياس الضغط العصبي إلى حد ما من خلال قدر التغيير الذي طرأ على حياتك مؤخراً، فالتعب البدني والإرهاق و تعرضك للعديد من التغيرات أو الأزمات يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالقلق.
2- السمات الشخصية: إن بعض الأشخاص يكونون أكثر انفعالاً و حساسية تجاه المواقف المختلفة بصورة تفوق غيرهم. فقد تم استثارتهم الانفعالية و الفسيولوجية بشكل أسرع، فيحتاجون وقتاً أطول حتى يهدءوا، كما أن هناك بعض الأشخاص الذين اكتسبوا في طفولتهم من أباءهم المبالغة في الشعور بالقلق والتوتر.
مقالات ذي صلة: كيف تتغلب على القلق بسهولة ؟
الاعتقادات الخاطئة عن القلق
نظراً لأن أعراض القلق عادة ما تطرأ على الفرد دون وجود سبب واضح، فالأفراد يسيئون في الغالب تفسيرها و يعتقدون أنهم يعانون من مشكلة أكبر.
إليك قائمة بأهم الاعتقادات الخاطئة الشائعة عن القلق:
1- الإصابة بالجنون: لا توجد علاقة بين القلق العادي الناتج عن مصدر هلع أو خوف والأمراض النفسية الأكثر خطورة.
2- فقدان السيطرة على النفس: لم تسجل حتى الآن أية حالة قام فيها أي شخص بشيء ضد إداراته أو رغما عنه.
3- الإصابة بنوبة قلبية: على الرغم من أن أهم أعراض النوبات القلبية تتضمن صعوبة التنفس و الشعور بألم بالصدر، فإن هذه الأعراض يكون السبب فيها بشكل عام الإجهاد و تختفي بسرعة عند الحصول على قسط من الراحة.
4- الإصابة بمرض عضوي: لا يؤدي القلق إلى إصابة الفرد بمرض عضوي، على الرغم من أنه شعور مؤلم و متعب.
5- الإغماء: ليس من المحتمل أن يصاب الفرد بإغماء في ظل زيادة معدل ضربات القلب. فالفرد يصاب بالإغماء فقط في حالة انخفاض معدل ضربات القلب و ضغط الدم.
كيفية التعامل مع القلق
في ما يلي أهم النصائح للتعامل مع القلق[4]:
1- عليك إدراك الكيفية التي يتولد بها القلق و الكيفية التي يستمر عن طريقها بسبب الحلقة المفرغة للأعراض الفسيولوجية و الأفكار المثيرة للقلق و التغيرات السلوكية.
2- عليك اختراق الحلقة المفرغة هذه عن طريق تعلم مهارات جديدة.
أ- للحد من الأعراض الفسيولوجية يمكن تعلم بعض طرق الاسترخاء أو التحكم في النفس.
ب- لمواجهه الأعراض النفسية التي تتمثل في الأفكار المثيرة للقلق يمكن للفرد التعرف على تلك الأفكار و تحديدها للتصدي لها. كما يمكن استبدالها بأفكار إيجابية و تحويل الانتباه عنها أو القيام بأحد الأمرين.
ت- للحد من التغيرات السلوكية التي تطرأ على الفرد يمكن اتباع تغيير مدروس لسلوكك ومواجهه المواقف الصعبة بشكل تدريجي.
3- عليك إحداث تغييرات في نمط حياتك و محاولة تقليل قدر الضغط العصبي الذي تتعرض له بنجاح. و قد يتضمن ذلك تعلم كيفية زيادة ثقتك بنفسك أو إدارة وقتك بشكل أكثر فعالية أو التخلص من العادات السيئة أو تعلم مهارات أخرى جديدة.
هل تحتاج إلى مساعدة؟
هل تعاني من قلق مستمر وأفكار مزعجة، لست بحاجة لمواجهة هذه الأفكار وحدك. العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن يكون بداية طريقك نحو التخلص من هذه الوساوس.
للحُصُول على دعم فوري، تواصل مع طبيب نفسي اونلاين الآن.
في الختام
يظهر لنا أن القلق مشكلة شائعة ومنتشرة في مجتمعاتنا بكثرة، لهذا يجب علينا السعي نحو زيادة الوعي حولها وحول طرق التعامل معها. كما يجب أن نقوم بتوجيه الأشخاص الذين يعانون من القلق إلى الحصول على الدعم النفسي والطبي المناسب قبل فوات الآوان.
رجاء ضع تقييمك للمحتوى فهو يساعدنا لفهم جودة عملنا
6 Comments
التعليقات مغلقة